القائمة الرئيسية

الصفحات

سوء الخاتمة .. قصة وعبرة

 

سوء الخاتمة .. قصة وعبرة


أخرج البخاري من طريق أبي غسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " إن العبد ليعمل (فيما يرى الناس) عمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، ويعمل (فيما يرى الناس) عمل أهل النار وهو من أهل الجنة، وإنما الأعمال بخواتيمها". [رواه البخاري ومسلم]. 


قال النبي صلى الله عليه وسلم:- "يُبعث كل عبدٍ على مات عليه" [رواه مسلم]. 

قال ابن القيم رحمه الله:-" العمر بآخره، والعمل بخاتمته، من أحدث قبل السلام؛ بطل ما مضى من صلاته، ومن أفطر قبل غروب الشمس؛ ذهب صيامه ضائعًا، ومن أساء فى آخر عمره؛ لقي ربه بذلك الوجه". 

قال الشيخ صالح بن فوزان:- الأعمال بالخواتيم الإنسان لا يغتر بعمله وإن كان أصلح الصالحين، بل يخاف من سوء العاقبة فالأعمال بالخواتيم، ولكن من لطف الله عز وجل بعباده أن من عاش على الخير فإنه يُختم له بالخير، ومن عاش على الشر فإنه يُختم له بالشر، فالإنسان يعمل الأسباب ويُحسن الظن بالله عز وجل. 

وذلك يعني أن الخواتيم ميراث السوابق، ولذلك قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، ومن هنا حرص الموفقين من عباد الله الصالحين على أن الموت على خاتمة حسنة، وإجتناب كل سبب وعمل يؤدي إلى سوء الخاتمة. 



معنى سوء الخاتمة 

يعني سوء الخاتمة أحد أمرين؛ الأمر الأول وهو أن يغلب على القلب - والعياذ بالله – شك أو جحود عند سكرات الموت وأهواله، فيقضي ذلك العذاب الدائم.

والأمر الثاني وهو أن يسخط الأقدار ويتكلم بالإعتراض، أو يجور فى وصيته أو يموت مصرًا على ذنب من الذنوب، أو يُختم له بتعلق الدنيا.

وبذلك يكون سوء الخاتمة أن يُختم له بما يوجب له الخلود فى نار جهنم، أو بما يوجب له دخولها فترة  (إن لم يغفر له الله).

إن الخوف من سوء الخاتمة ينبغي أن يُلازم الإنسان فى كل لحظة لتكون القلوب وجلة، راغبة فى طاعة الله ورسوله، مستعدة للقائه سبحانه وتعالى فى أي وقت، فمن لم يسلك سبيل الحق فلن يُكتب له الفلاح أبداً، وتسوء عاقبته ويخسر خسارة فادحة تؤدي به الهلاك والشقاء الأبدي (أعاذنا الله من سوء الخاتمة). 

يقول أهل العلم:- تجرد من الدنيا، فإنك إنما أتيت إلى الدنيا وأنت مجرد. 

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:- عجبًا لمن يهلك ومعه النجاة، قيل له: وما هى؟، قال: التوبة والإستغفار. 



أسباب سوء الخاتمة

* فساد الإعتقاد، فإن من فسدت عقيدته ظهر عليه أثر ذلك، عند أحوج ما يكون إلى العون والتثبيت من الله تعالى، وأهل البدع هم أكثر الناس شكًا وإضطرابًا عند الموت، لسوء معتقدهم وفساد قلوبهم ومرضها بالشُبهات الشكوك، يُختم لكثير من الناس بسوء الخاتمة بسبب ما ابتدعوه فى دين الله. 


* الإقبال على الدنيا والتعلق بها، وتأجيل التوبة والإنخراط فى الذنوب والمعاصي، ولا يعلم أحدنا متى يموت.


* الإصرار على المعاصي والذنوب والإعتياد عليها، فإن الإنسان إذا ألف ذنبًا طول العمر وأحبه وتعلق به، ولم يتب عنه فإن الشيطان يستولى على تفكيره، حتى فى اللحظات الأخيرة من حياته، ربما تعذر عليه نطق الشهادة عند الإحتضار.


* العدول عن الإستقامة على دين الله والإعراض عن الخير والصلاح.


* الرياء والنفاق بالأعمال الصالحة وهى من أمراض القلوب والأنفس؛ كالحسد والحقد والظلم والكِبر والعُجب والخيلاء والخيانة وإحتقار الناس. 


*عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام. 


* لا يقع في سوء الخاتمة (والعياذ بالله منها) من إستقام ظاهره وصلح باطنه، وصدق فى أقواله وأفعاله، فهذا لم يُسمع به ولم يحدث، بينما يقع سوء الخاتمة لمن فسد ظاهره وباطنه ولم يخلص فى أقواله وأفعاله، وتجرأ على الكبائر والمعاصي حتى ينزل به الموت قبل التوبة.




علامات سوء الخاتمة

الموت على شرك أو على ترك الصلاة تهاونًا بأمر الله وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، كأن يموت الإنسان على معصية كسماع الأغاني والموسيقى والأفلام والمسلسلات، أو يموت على الفاحشة بعمومها والخمر والمخدرات.


عبوس الوجه وقتامته وظلمته، وعدم الرضا بما سمع من ملك الموت بسخط الله، وظهور سواد على الوجه وقد يعم السواد سائر الجسد (عياذًا بالله)، علامة سوء الخاتمة هى السواد الذى يعم البدن عند تغسيل الجنازة، نسأل الله العفو والعافية، ونعوذ بالله من الخذلان.



قصة حقيقية عن سوء الخاتمة

تروي هذه القصة إحدى الأخوات اللاتي كن يغسلن الموتى فتقول:-

ذات يومٍ إتصلت بي إحدى العائلات فى بلدتي، تطلب مني تغسيل ميتة لديه، وبالفعل ذهبت إلى منزل العائلة وأدخلوني على الميتة فى غرفتها، وقاموا بغلق باب الغرفة بالمفتاح، وبقيت وحدي فى الغرفة مع الميتة، وبدأت فى تغسيلها فوجدت لحمها يكاد يتفتت فى يدي وكأنه قطن، وأنا لا أدري شيئًا عن الميتة، فشككت فى الأمر وظننت أن هذه المرأة مقتولة، فطرقت الباب فلم يفتح أحد وشعرت بخوفٍ شديد، فأخذت أستعيذ بالله وأقرأ بعض الأدعية حتى هدأت نفسي، ثم استعنت بالله وبدأت بتغسيلها فلما كشفت وجه المرأة فإذا هو شديد السواد وكأنه قطعة فحم، فازداد خوفي لكني تشجعت وأكملت غسلها إحتسابًا للأجر والثواب، وطرقت الباب ليفتحوا لي وأخرج، فلم يصدقوا إني إنتهيت من الغسيل، أسرعت وخرجت من هذا البيت وبقيت ثلاثة أيام لا أهنأ بنومٍ ولا أكف عن البكاء، فاتصلت بأحد شيوخنا العلماء وذكرت له ما حدث، فقال لي:- أما السواد فيدل على أنها لم تكن تصلي، وأما تفتت اللحم فيدل على أنها كانت تتبرج ولا ترتدي حجابًا.


وبعد إنتهاء أيام العزاء في منزل تلك العائلة ذهبت إلى أهلها لأتأكد من الأمر وسألتهم: لما أغلقتم الباب بالمفتاح؟ فاجابوا: جاءتنا ثلاث مغسلات قبلك فرفضن تغسيلها لما رأين وجهها، فلم يكن أمامنا إلا إغلاق الباب عليك لتغسيلها، ثم سألتهم عن حال المرأة فقالوا: لم تكن تصلي ولم تكن ترتدي حجابًا. 


تعليقات

التنقل السريع