القائمة الرئيسية

الصفحات

 

محبة الله تعالى


محبة الله تعالى

  • محبة العبد لله تعالى

 هى حُب العبد لربه وإيثار محبته على ما سواه، بإلتزام أوامره وإجتناب نواهيه وإتباع سُنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام فى كل عملٍ أو سلوك.


لا يمكن أن يخلو قلب المؤمن من أصل محبة الله، لأن ركن العبادة الركين هو المحبة، فما دام قلب العبد مُشتمل على محبة الله، فهو يعبده ويُقبل على طاعته ويكفر بما دونه.


من واجبات الإيمان ولوازمه؛ محبة الله تعالى ومحبة رسوله ومحبة أنبيائه ورسله جميعًا وعباده المؤمنين الصالحين، ومحبة ما يحبه الله ورسوله من الإيمان والعمل الصالح، وبُغض ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والمعاصي، وبُغض أعداء الله من الكفار والمشركين، فالحب فى الله والبُغض فى الله والموالاة فى الله والمُعاداة فى الله من كمال الإيمان وأحب الأعمال إلى الله عز وجل.


المحبة الصادقة لله تعالى تقتضي توحيد الله وعدم الشرك بينه وبين غيره فى محبته، وهى محبة عبادة واجبة لله وحده لا شريك له، يجب ألا تطغى أي محبةٍ على محبة الله.


محبة الله مُقدمة على محبة الأولاد والأموال والأنفس، كما يقول الله تعالى:- 

{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة : 24].


أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يتوعد من أحب أهله وماله وعشيرته وتجارته ومساكنه، فآثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه الله عليه من الأعمال التى يحبها الله، ويرضاها كالجهاد والهجرة ونحو ذلك بالعقاب والوعيد. 


• الأسباب الجالبة والموجبة لمحبة الله تعالى 

كيف يصل العبد إلى محبة الله تعالى؟


1- إخلاص النية أو القصد لله فى كل أعماله وأحوال. 


2- قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه. 


3- التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، ودوام ذكر الله تعالى باللسان والقلب والعمل والحال. 


4- مُجاهدة النفس وإيثار محبة الله على حب الشهوات والهوى. 


5- معرفة أسماء الله وصفاته العُلى وأفعاله المُثلى، فمن عرف الله أحبه، ومن أحب الله أطاعه، فكلما قويت معرفة العبد بالله قويت محبته له ومحبته لطاعته، وذاق لذة العبادة وحلاوة الإيمان. 


6- مشاهدة بره وإحسانه ونعمه الباطنة والظاهرة، فإنها داعية لمحبته. 


7- الخلوة به وقت النزول الإلهي آخر الليل لمناجاته، وإنكسار القلب بين يديه سبحانه وتعالى وإستغفاره والتوبة والرجوع إليه، والخلوة عمل لا يعتريه رياء ولا شُبهة فهو خالص لوجه الله تعالى كقيام الليل. 


8- مُباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله جل شأنه. 


9- التحلي بمكارم الأخلاق وحُسن مُعاملة الآخرين، والبُعد عن الصفات الذميمة  والإساءة إلى الآخرين. 


10- التأمل والتفكر فى خلق الله وصنعه البديع، مع الإكثار من الحمد والتسبيح له. 


11- مجالسة المُحبين الصادقين، والتقاط ثمرات كلامهم كما ينتقي أطايب الثمر، والبُعد عن مصاحبة الفاسقين و الأشرار. 


12- الصبر على البلاء والرضا بالقضاء، واحتساب الأمر والتوكل على الله. 


13- التوبة والندم على ما يفوته من طاعة الله وذكره. 


14- إتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بسُنته، والتحلي بأخلاقه الحميدة إقتداءًا به. 


• المحبة لله وفى الله 

ذلك بأن يكون الجالب لها محبة الله أي كون الشيء محبوبًا لله تعالى، من أشخاصٍ كالأنبياء والرسل والصالحين، أو أعمالٍ كالصلاة والزكاة وأعمال الخير، ومن أحب الله أحب فيه ووالى أولياءه وعادى وجاهد أعداءه ونصر أنصاره، وكلما قويت محبة الله فى قلب العبد قويت الأعمال المترتبة عليها وبكمالها يكمل توحيد الله. 


فى صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- "ثلاث من كُن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يُقذف فى النار". 


حلاوة الإيمان هى الطمأنينة والراحة والإنشراح، ونور يقذفه الله تعالى فى قلب العبد ثوابًا له على حُسن طاعته وتقواه.


*والأمور الموجبة لحلاوة الإيمان هى:-


1- أن يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما؛ محبة الله تقوم على الطاعة والعبادة، وإمتثال الأمر وإجتناب النهي، ومحبة الرسول عليه الصلاة والسلام تكون بإتباع سُنته ونصرة دعوته، وهى طريق موصلة إلى محبة الله تعالى، ولكن محبة النبي تكون فى الله وليست مع الله، فمن أطاع الله واتبع دينه فقد أحبه، ومن أحب الله بادله الله حبًا بحب، وكان فى مقام الآمنين يوم القيامة. 


2- أن يحب المرء لا يحبه إلا لله؛ وهذا يوجب أن تكون المحبة بين المؤمنين لله، يُقصد بها وجه الله تعالى، بمعنى أن تكون المحبة مُنزهة عن المطامع المادية والأغراض الشخصية والأنانية والتعاون على الإثم والعدوان، وقد جاء فى حديث السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم القيامة، (ورجلان تحابا فى الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه). 


3- كراهة العودة فى الكفر؛ يجب على العبد أن يكون كرهه وبغضه للكفر وأسبابه، كبغضه لأن يُقذف فى النار وعذاب الجحيم. 


محبة الله للعبد

الحب من أسمى وأنبل المشاعر التى يمكن أن يشعر بها الإنسان فى حياته، وحب الله هو أكمل وأفضل حب على الإطلاق، فلقد خُلق الإنسان لعبادة الله، ويترتب على قرب العبد وصلته القوية بربه آثار جلية لمحبة الله للعبد. 


وكل إنسان يطمح أن يصل إلى تلك المرتبة الشريفة والدرجة العالية الرفيعة، ألا وهى حب الله لعبده، والتى تُهون كل شدائد الدنيا، وتُيسر له أموره وتجلب له البركة والتوفيق فى أعماله. 


محبة الله هى صفة من صفات فعله، كرضاه وغضبه وفرحته بتوبة عبده ونزوله إلى السماء الدنيا فى آخر الليل، فهى إحسانه وإنعامه على عبده، وتوفيقه العبد لطاعته وهدايته لما يُرضي ربه وغير ذلك. 


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل إن الله يحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي فى أهل السماء إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول فى أهل الأرض." رواه البخاري. 


من أسماء الله "الولي" 

معناه: المتولي لأمور خلقه والقائم على تدبير ملكه، وهو المُحب الناصر لعباده، الله عز وجل ولي المؤمنين بإنعامه عليهم وإحسانه إليهم، وتوليه سائر مصالحهم. 


وولاية الله لكل عباده ولاية عامة؛ تعني قربه منهم وعنايته لهم، وتدبير وتصريف الأمور والمقادير.


أما الولاية الخاصة؛ فهى ولايته للمؤمنين وقربه منهم، وهى ولاية حفظ ومحبة ونُصرة.


من أسماء الله "الودود" 

إسم الله "الودود" يعني: المُحب لعباده والمحبوب لهم، فالله عز وجل هو الودود الذى يود عباده الصالحين، فيحبهم ويقربهم إليه ويرضى عنهم ويتقبل أعمالهم، وهذه محبة خاصة بالمؤمنين، أما المحبة العامة فهى تعني أن الله هو الودود ذو الإحسان الكبير لجميع مخلوقاته وإنعامه عليهم.


ثمار محبة الله 

1- علامة محبة الله للعبد هى توفيقه إياه لطاعته، وصرفه عن معصيته، وإجابة دعائه، وتثبيته عند إبتلائه، وحفظه من الفتن. 


2- إستشعار حلاوة الإيمان فى القلب، عندما يحب العبد ربه حبًا صادقًا خالصًا، واتبع أوامره وابتعد عن نواهيه، وأحب رسوله واقتدى به وعمل بسُنته، وجد للإيمان حلاوة ولذة فى قلبه. 


3- حب الطاعات وعمل كل ما يحبه الله ورسوله، فيُكثر من الأعمال الصالحة وآداء الفرائض، كما يُكثر من النوافل والسُنن وأعمال الخير. 


4- حُسن الظن بالله تعالى، فحب الله يجعل العبد يرجو عفوه ورحمته، لينال رضاه وحُسن ثوابه ودخول جنته. 


5- الحياء من الله تعالى، فمن أحب الله يستحي أن يراه الله على معصية، ويُسارع دائماً فى طلب العفو والمغفرة إذا وقع فى الزلل. 


6- الرحمة بالناس والشفقة عليهم، فيحرص العبد على تقديم النصح للناس وهدايتهم للطريق المستقيم. 


7- حُسن التربية والتدبير، إذا أحب الله عبدًا من عباده الصالحين، حبب إليه الإيمان والطاعات منذ الصغر، فتجده دائماً مشغولًا بذكر الله تعالى، ويتحلى بمحاسن الأخلاق، وحب الناس والصلاح والقناعة والرضا وغنى النفس. 


8- إجابة الدعاء؛ فينعم الله على عباده الصالحين المخلصين فى العبادة بالقلب الطاهر والنفس الزكية والزُهد فى الدنيا، ويُلهمهم الدعاء مع إستجابته والفوز بعفو الرحمن ومغفرته. 


9- الشوق الدائم إلى الله تعالى، والذى يُمكن العبد من إغتنام فرصة الخلوة به وذكره ومناجاته، والسعي إلى رضاه والإقدام على فعل الخير والبُعد عن المعاصي. 


10- حُسن الخاتمة، يرزق الله من يحب من عباده الصالحين بأفضل الأعمال الصالحة قبل موتهم ويُحسن خاتمتهم، ويدخلهم الفردوس الأعلى من الجنة. 



-يظن بعض الناس أن الله إذا لم يوسع عليهم الرزق، ويمنحهم الصحة والعافية فإن ذلك دليل على أن الله لا يحبهم، وبالتأكيد هذا إعتقاد خاطئ، لقد قال الله تعالى في سورة الفجر:-

{فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)} [الفجر : 15-16]


- هل الإبتلاء دليل على غضب الله؟ 

 إن البلاء ليس دليلًا على غضب الله، بل إنه من أكبر علامات محبة الله للعبد، وذلك لما فيه من أجرٍ كبير عند الصبر والتوكل على الله والرضا بقضائه وقدره، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-

"إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا إبتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط".


بمعنى أن إبتلاء الله عبده فى الدنيا ليس من سخطه عليه، وإنما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب أو لرفع منزلة، فإذا تلقى ذلك بالرضا تم له ما أراد.


-فالفقر الشديد أو المرض إبتلاءٌ وامتحانٌ من الله للعبد، فإذا صبر الفقير واحتسب المريض كان ما أصابه من بلاءٍ؛ نعمةً وتكفيرًا للذنوب وحطًا للخطايا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-

 "ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه". رواه مسلم. 


-فالرضا بالبلاء يجعل المؤمن متصلًا بربه صابرًا محتسبًا. 


-عندما يحب الله عبده يحبه أهل السماء، ويوضع له القبول فى الأرض، فمحبة الله تُثمر حبًا وقبولًا عند الناس.


-من كمال محبة الله وثمرتها المحبة فى الله، فيحب العبد أخاه إبتغاء مرضاة الله، لا يحبه لأجل نسبٍ أو حسبٍ أو مالٍ أو دنيا، فمحبة الصالحين ومودتهم إبتغاء مرضاة الله تعالى، دليل على إمتلاء القلب بمحبة الله وتعظيمه وإيثار ما عنده من النعيم وعظيم الثواب على الدنيا الزائلة.


-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن الله قال: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يُبصر به ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته". أخرجه البخاري.


ومعنى الحديث: أن الله إذا أحب عبده وفقه فى هذه الأعضاء فاستعملها فى طاعته، وتوفيق الله للعبد فى أعماله وتيسير المحبة له فيها وحفظ جوارحه وعصمته عن الوقوع فى الزلل وما يكرهه الله، أي أن العبد إذا أخلص الطاعة صارت أفعاله كلها عبادة لله عز وجل، فلا يسمع إلا لله ولا يبصر إلا لله أي ما شرعه الله له، ولا يبطش ولا يمشي إلا فى طاعة الله تعالى مُستعينًا بالله فى ذلك كله.


إذا أحب الله عبدًا حماه من فتنة الدنيا، وليس أضر على قلب المؤمن ودينه من حب الدنيا وأهلها. 


  • من موانع محبة الله أو ما يضعف هذه المحبة:-

-الرياء وعدم الإخلاص فى القول والعمل، وإرادة الدنيا فى عمل الآخرة. 


-هجر كتاب الله الكريم والبُعد عن تلاوة كلام الله، والغفلة عن ذكره. 


-إضاعة الفرائض والتهاون فى آدائها. 


-الشُح بالمال وعدم إنفاقه فى سبيل الله للفقراء والمحتاجين. 


-الإشتغال بالمعاصي الموجبة لسخط الله تعالى، والتى تُلهي العبد عن الأعمال الصالحة والذكر والدعاء. 


-مُصاحبة الفاسقين وأهل الغفلة. 


-الجزع والضجر من الإبتلاءات وعدم الصبر عليها أو احتسابها عند الله. 


-موالاة أعداء الله؛ فهى تُنافي الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهى سبب للفتنة والفساد فى الأرض وتستوجب سخط الله وعقابه فى الآخرة. 


تعليقات

التنقل السريع