القائمة الرئيسية

الصفحات

ما هو التنمر؟ وما هى أضراره وطرق مواجهته؟



 التنمر 


مفهوم ظاهرة التنمر

ظاهرة التنمر ظاهرة خطيرة، استطاعت أن تخترق عالمنا بشكلٍ كبير، حتى أصبحت تُمارس ضد الأطفال وضد الكبار أيضًا، من أجل إكتساب السُلطة على حساب الآخرين، أو من أجل جذب الإنتباه، ومن الممكن حدوثه فى الواقع أو عبر الإنترنت، ويمكن أن يكون المُتنمر فردًا أو مجموعة. 


وهى ظاهرة عدوانية عبارة عن ممارسة أشكال العنف المختلفة بصورة مُتعمدة ومُتكررة، وسلوكيات خاطئة يمارسها فرد أو مجموعة ضد الآخرين، وتنتشر هذه الظاهرة بشكلٍ أكبر بين طلاب المدارس، وقد يأخذ التنمر أشكالًا مُتعددة، كالإعتداء جسديًا أو لفظيًا أو إجتماعيًا، أو نشر الشائعات أوالتهديد، بقصد عزل فردٍ ما عن المجموعة أو إيذائه والإساءة إليه.


 وتعبر هذه الظاهرة عن إفتراض وجود إختلال فى ميزان القوة والسُلطة بين الأفراد، حيث أن الأفراد المُتنمرين يكونون عادةً يتمتعون بقوةٍ بدنية أو إجتماعية وهيمنةٍ أكثر من المُتنمر عليهم، وفى كلتا الحالتين سواءً أكان الفرد من المُتنمرين أو من المُتنمر عليهم، فإنهم يكونون عُرضةً لمشاكل نفسية خطيرة.


أنواع التنمر

*التنمر الجسدي:- 

وهو الإعتداء على الآخرين بالضرب أو اللكم أو الركل أو الدفع، أو بسرقة وإتلاف الأغراض، وكل أشكال العنف البدني الذى يولد ألم بدني أو نفسي. 


*التنمر اللفظي:-

 وهو الإعتداء بالشتائم والتحقير والسخرية والإستهزاء وإطلاق الألقاب والتهديد ولو كان ذلك بالإيماءات. 


*التنمر الإجتماعي:- 

وهو نوعٍ من أنواع التنمر الخبيثة، حيث يكون غير علني وهو شائع بين الفتيات أكثر من الأولاد الذكور، كما أنه أقل خطورة من التنمر اللفظي والجسدي، وهو عبارة عن العدوان فى العلاقات وإلحاق الضرر بسُمعة الشخص المُتعرض للتنمر، أو نشر الشائعات وتداول الأقاويل الكاذبة حوله لإلحاق الأذى المعنوي به، أو عن طريق التجاهل أو الإهمال لإستبعاده عن المجموعة بطريقة مُتعمدة. 


*التنمر النفسي :-

 ويكون بالنظرات السيئة والتربص والتلاعب والهمسات والحركات وما شابه ذلك، من أجل الإزعاج وإلحاق الأذى النفسي. 


*التنمر الإلكتروني:- 

وهو الإعتداء بالسخرية والتهديد عن طريق إستغلال الإنترنت، عبر الرسائل الإلكترونية أو الرسائل النصية أو المواقع الخاصة بشبكات التواصل الإجتماعي، أو بإختراق الحساب بهدف أذية الآخرين وتجريحهم، بطريقةٍ مُتعمدة ومُتكررة وعدائية، ونظراً لإنتشار وسائل التواصل الإجتماعي وسهولة إستخدامها خاصةً بين فئة الشباب، فقد وُضعت تشريعات وحملات توعية لمكافحتها. 


*التنمر المدرسي:-

 يُعرف بأنه حالة يتعرض فيها الطالب لمحاولاتٍ مُتكررةٍ من الإعتداء الجسدي المباشر بالضرب أو الدفع، أو الإعتداء اللفظي كالتهديد بالكلمات المزعجة والمخيفة والتوبيخ والإغاظة والشتائم، من قبل طالبٍ آخر أو مجموعةٍ من الطلاب، بهدف إزعاج الطالب المُتعرض للتنمر أو الرغبة فى عزله عن المجموعة، وأحياناً يكون بهدف إكتساب ولاء بعض المتفرجين، والذين من الممكن أن يكونوا هم أنفسهم الضحية التالية، فيقوم المُتنمرون بتخويف وإستنزاف قوتهم قبل الإعتداء عليهم جسديًا. 


ويكون الطلاب المُعرضون للتنمر المدرسي فى الغالب غريبي الأطوار، أو مختلفين عن باقي زملائهم، أو ممن لهم ظروف وأحوال خاصة. 


ويُعالج هذا النمط من التنمر بتأسيس برامج مكافحة التنمر لتعليم الطلاب التعاون ونشره بينهم، وكذلك تدريب المشرفين الزملاء فى أساليب التدخل وتسوية الخلافات والنزاعات بين الطلاب بهدوء. 


*التنمر الوظيفي:-

 هو سلوك يُمارس بين زملاء العمل أو بين الرؤساء والمرؤسين، أو يستخدمه المُدراء الغير كفؤ بحق الموظفين الأدنى منهم فى التسلسل الوظيفي، وله عدة صور أهمها:-


-توجيه إهانةٍ لفظية للموظف، أو السخرية منه والتقليل من شأنه. 

-توجيه إتهام باطل للموظف بأخطاء لم يرتكبها. 


-سرقة إحدى إنجازات الموظف فى العمل من أحد زملائه، والقيام بنسبها لنفسه. 


-تكليف الموظف من قبل أحد رؤسائه بالقيام بأعمال الآخرين، إلى جانب عمله الحقيقي. 


-عرقلة تنفيذ أعمال الموظف لمصلحة غيره. 


* أسباب إنتشار ظاهرة التنمر فى المجتمع 

1-تُشير الدراسات إلى أن التنمر خلال مرحلة الطفولة، سببًا من أسباب العنف المنزلي والسلوك الإجرامي فى مرحلة البلوغ، بمعنى أن الذين يتعرضون للتنمر فى الطفولة هم أنفسهم من يمارسون العنف فى المستقبل، ربما بدافع الإنتقام من المجتمع. 


2-قد تكون غيرة المُتنمر سببًا لتنمره، فالغيرة الزائدة تعمل على إحياء جميع السلوكيات السلبية والمؤذية. 


3-الحسد والحقد وعدم الصفح أو العفو، وعدم الإعتذار عند الخطأ والتمسك بالرأي، كلها عوامل تدفع إلى التسلط وإهانة الآخرين. 


4-الإكتئاب والإضطراب النفسي وعدم الثقة بالنفس والإدمان، من أكثر الأسباب التى تؤدي إلى السلوك العدواني وأعمال العنف. 


5-أنماط التربية الأسرية الخاطئة، كإستخدام العنف وأساليب العقاب المُبالغ فيها فى التربية، أو إهمال الأسرة للأبناء، مما يُنتج للمجتمع أفرادًا غير أسوياء سلوكيًا، ولديهم ردود أفعال عنيفة تجاه الآخرين.

 

6-الغرور والإستعلاء يمنح الفرد إعتقادًا وهميًا  بإمتلاك مزايا وقوة، تمنحه الحق فى التنمر على الآخرين. 


7-المشاكل الأسرية كالطلاق وخلافات الأبوين ونقص الدعم العاطفي، والتعامل مع الأبناء بطريقة مُسيئة، يُنمي فيهم الإحتياج للفت الإنتباه، وطلب الإهتمام من الآخرين. 


8-تأثير إنتشار الألفاظ والمشاهد العنيفة عبر وسائل الإعلام والبرامج التى تحرض على العنف، مما يجعل من المُتنمر شخصًا مُتميزًا ومُتفردًا. 


9-إختلال توازن القوة بين المُتنمِر والمُتنمَر عليه، فيتنمر القوي على الأضعف أو المجموعة على الفرد، أو الأكثر ذكاءً أو قدرةً مادية أو سُلطةً أو ثقافةً على الأقل منه. 


10-إقتحام وسائل التواصل الإجتماعي لحياتنا، أتاحت الفرصة للتنمر الإلكتروني عبر الإنترنت، وإنتشار التعليقات السلبية دون الإلتفات إلى كم الأذى الذى يلحق بالآخرين. 


خطر التنمر وآثاره السلبية 

-إلحاق أذى نفسي يُسبب الألم للشخص المُتنمر عليه، وهذه الحالة النفسية السيئة تؤثر على صحة الإنسان سلبًا. 


-قد يُسبب التنمر الشعور بالوحدة والإكتئاب والقلق، والشعور بالخوف الدائم والإحساس بعدم الأهمية أو القيمة. 


-الشعور بالضعف من خلال الإستجابة للتهديد، والتخلي عن الممتلكات الشخصية بسهولة كوسيلة للدفاع عن النفس. 


-قلة الثقة بالنفس وصولًا إلى إنعدامها وهدم الشخصية. 


-يُعاني ضحايا التنمر من مشاكل عاطفية وسلوكية، كما أن التنمر يؤدي إلى زيادة حالات الإنتحار بسبب التعرض للمضايقات. 


-زيادة جرائم السرقة والتحرش والإدمان وغيرها من العادات والسلوكيات الخاطئة.


- تشتت العلاقات الإجتماعية وفقدان الرغبة فى تأسيس علاقات إجتماعية ناجحة وسليمة فى المجتمع. 


-يتعرض الأطفال المُتنمر عليهم للأحلام المزعجة والفزع أثناء النوم، الخجل والخوف من التعبير عن الذات، كما يعانون من فقدان القدرة على التركيز، وتراجع المستوى الدراسي بشكلٍ ملحوظ، والإنطواء والإبتعاد عن مجموعات الرفاق، والإحجام عن المشاركة فى الأنشطة المدرسية المختلفة. 


-عدم تقدير الذات بإنعدام المحفزات الإيجابية، والشعور بالضعف، وتقلب المزاج بشكلٍ سريع والإنفعال الزائد. 


-خلق أجيالٍ خاطئة تُمارس التنمر والعدوانية بهدف إيذاء الآخرين، مما يساعد على إنتشار الكراهية بين الأطفال. 


*طرق مواجهة التنمر وأساليب علاجه 

-الرجوع إلى الله، والإهتمام بالأبناء حتى يتحلوا بالأخلاق الحميدة، ويتجنبوا الأخلاق السيئة التى تؤدي بهم إلى مثل هذه الأفعال. 


-نشر الوعي الديني بين الناس، وكثرة النصح والإرشاد، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكف الأذى عن الناس. 


-مشاركة الوالدين للأبناء فى إختيار الأصدقاء الصالحين، وتجنب رفقة السوء. 


-الإهتمام بتحسين صحة الأجسام وتقويتها بالرياضة، للتمكن من الدفاع عن النفس، وزيادة الثقة بالنفس. 


-تجنب الأسرة إستخدام وسائل العقاب المُبالغ فيها، والتى قد تُضعف شخصية الأبناء. 


-إهتمام المؤسسات التربوية ولا سيما المدارس بشكل كبير، بوجود رقابة دائمة وتتبع مستمر للسلوكيات غير المقبولة من قبل بعض الطلاب، ووضع قوانين ولوائح سلوكية مع فرض عقوبات لمن يخالفها، لضمان بيئة تربوية ومدرسية آمنة وخالية من العنف. 


-توعية الشباب وتثقيفهم على كيفية ضبط النفس، وتجنب المواقف التى تُثير الغضب، من خلال تقوية الوازع الديني والأخلاقي وسرد القصص المختلفة، ومحاولة قتل الفراغ الذى يؤدي إلى إفتعال المشاكل. 


-غرس العادات الإيجابية فى عقول الأبناء منذ الصغر، وتعليمهم أن ضرب الآخرين أو الإساءة إليهم بأي شكلٍ من الأشكال أمرًا مرفوضًا وغير مقبول نهائيًا. 


-إستماع الأهل للأبناء وإقامة علاقة صداقة بينهم وبين أبنائهم، واستخدام أسلوب الحوار معهم، وذلك لمعرفة تجاربهم التى يتعرضون لها، وتشجيعهم على عدم الإستسلام للمُتنمرين، واللجوء إلى إستشارة المتخصصين الإجتماعيين أو النفسيين، إذا لزم الأمر. 


* التنمر فى الإسلام 

إن من كمال الإسلام وموجباته، كف الأذى عن الناس، والتنمر ما هو إلا إطلاق الأذى على الآخرين، سواءً كان بالسخرية والإستهزاء بالضعفاء والصغار، أو بالإعتداء عليهم باللسان بالسب والشتائم، أو باليد بالضرب، أو بالإساءة للفقير أو المسكين أو المريض أو المُبتلَى فى عقله، أو لأي نوعٍ من أنواع الضعف. 


عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:- "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". مُتفقٌ عليه. 


كما يقول الله تعالى:- "

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات : 11].

 

نهى الله تعالى عن السخرية بالناس واحتقارهم والإستهزاء بهم، كما نهانا عن اللمز والتنابز بالألقاب، فالهمز بالفعل واللمز بالقول. 


التنمر بالآخرين هو إفساد فى الأرض، وهو مذموم شرعًا، ومجرم قانونًا، لما يشتمل عليه من الإيذاء والضرر، إضافةً لخطورته على الأمن المجتمعي وترويع الآخرين. 


كل أفعال التنمر سببًا لإفلاس العبد يوم القيامة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- "أتدرون من المُفلس؟، قالوا: المُفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:" إن المُفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحتْ عليه، ثم طُرِح فى النار". ( رواه مسلم) 


أخبرنا رسولنا الكريم فى الحديث الشريف: أن المُفلس من هذه الأمة هو من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ عظيمة وأعمالٍ صالحات كثيرة، من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، لكنه يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا بالباطل، وقذف هذا، وسفك دم هذا، والناس يريدون أن يأخذوا حقوقهم، فما لا يأخذونه فى الدنيا يأخذونه فى الآخرة، حيث يُقتص لهم منه، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، بالعدل والقصاص بالحق، فإن فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطُرِحتْ عليه، ثم طُرِح فى النار. 


أي أن الإفلاس الحقيقي هو خسران الميزان يوم القيامة، ويحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقوع فى المُحرمات وخاصةً ظلم الناس والإعتداء عليهم، فذلك يُفسد الأعمال الصالحة ويُضيع على الفاعل أجرها ونفعها له يوم القيامة. 


والمقصود جميع حقوق العباد، أي أن من جمع تلك العبادات وهذه السيئات، فيُعطى المظلوم بعض حسنات الظالم، وتُنقل حسنات الظالم من ميزانه إلى ميزانهم حتى تفنى، فإن فنيت حسنات الظالم قبل أن يؤدي ما عليه من الحقوق، أخذ الظالم من سيئات أصحاب الحقوق (المظلومين)، فطُرِحتْ على هذا الظالم، ووضعت عليه ثم أُلقي  ورمُي فى النار، كي يُعذب بها بقدر إستحقاقه إن لم يُغفر له، وفى هذا إستشعار بأنه لا عفو ولا شفاعة فى حقوق العباد إلا من يشاء الله. 










تعليقات

التنقل السريع