القائمة الرئيسية

الصفحات



فضل العشر من ذي الحجة

ما هى الأيام العشر؟

هى الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، ويجب الإكثار فيها من العبادة والأعمال الصالحة والذِكر، وهى من أفضل الأيام عند الله، والعمل الصالح فيها مُضاعف الأجر والثواب عند الله، وشهر ذي الحجة من الأشهر الحُرُم المُفضلة عند الله سبحانه وتعالى على سائر الأشهر، والأشهر الحُرُم هى: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، قال تعالى:

  {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة : 36]. 

وظُلم النفس محرم فى سائر الشهور ولكن فى الأشهر الحُرُم أوجب. 


وشهر ذي الحجة من أشهر الحج المُفضلة أيضاً عند الله تعالى، وأشهر الحج معلومات وهى: شوال وذو القعدة وذو الحجة، فاجتمع الأمران (الأشهر الحُرُم وأشهر الحج) فى شهري ذي القعدة وذي الحجة، قال تعالى:-

{لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج : 28]. 


 ويقع فى هذه الأيام المباركة كثير من أعمال الحج؛ فيها يوم التروية، ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم عيد الأضحى المبارك (يوم النحر)، الذى تُذبح فيه الأضاحي تقربًا إلى الله تعالى. 


ولقد أقسم الله بهذه الأيام فى كتابه الكريم فقال تعالى: "{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} [سورة الفجر : 1-2]. 

والليالي العشر هى عشر ذي الحجة وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال بن كثير فى تفسيره: وهو الصحيح. 


وإذا أقسم الله بشئٍ دل هذا على عِظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم.


فضل الأيام العشر من ذي الحجة 

فضل الله تعالى بعض البشر على بعض (فضل الأنبياء على باقي البشر)، وفضل بعض المخلوقات على بعض (فضل الإنسان على بقية المخلوقات)، وفضل بعض الأماكن على بعض (فضل مكة المكرمة والمدينة المنورة على باقي الأماكن)، وفضل هذه الأيام المباركة لما تحمل من البركات والنفحات الطيبة فأقسم بها وأنعم بها على عباده حتى يغتنموها، فى فعل الخير والبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلة الرحم ومساعدة المساكين، فيفوزوا بالثواب العظيم والمنزلة العُلا. 


فى الدنيا مواسم للعمل ينتهزها أهلها ليضاعفوا فيها النشاط ليكسبوا فيها المزيد من الربح والمال، كذلك جعل الله تعالى لأهل الآخرة مواسم سنوية للخيرات واليُمن والبركات أيضاً يتيحها لعباده، ليضاعفوا فيها أعمالهم الصالحة وفعل الخير ويُكثروا فيها من الدعاء والذِكر، ويزيدوا فيها من التقرب إلى الله تعالى بعمل الصالحات وإجتناب السيئات، ومن هذه المواسم المباركة؛ شهر رمضان الكريم، والعشر الأوائل من ذي الحجة، والأشهر الحُرُم.  


فى حديثٍ صحيح رواه البخاري وأبو داود والترمذي من حديث إبن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- " ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجلّ من هذه الأيام (يعني الأيام العشر من ذي الحجة)، قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ". 


يقول الحافظ بن حجر: أن السبب فى إمتياز عشر ذي الحجة لمكان إجتماع أمهات العبادة فيه، وهى الصلاة والصيام  والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك من غيره.(فتح الباري) 


فيها أيام الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام وفروضه وهو من أعظم الأعمال التى تقرب إلى الله تعالى، حيث يتوجه فيها العباد إلى ربهم متجردين من الدنيا وزينتها، موحدين الله طائعين مُنيبين راجين رحمته ومغفرته، خائفين من عذابه. 


يوم عرفة ويوم النحر

يوم عرفة وهو يوم التاسع من ذي الحجة، وفيه يقف حُجاج بيت الله الحرام على جبل عرفة، يذكرون الله ويتضرعون إليه ليغفر لهم ذنوبهم ويعتقهم من النار. 


وهو أشرف وأعظم أيام العام كله، قيل أن المقصود بالليالي العشر؛ العشر الأواخر من رمضان بما فيها ليلة القدر والتي هى خيرٌ من ألف شهر، أما يوم عرفة فهو أعظم أيام العام بما فيها أيام رمضان. 


وخير الدعاء دعاء يوم عرفة، والإكثار فيه من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والتلبية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. 


صيام يوم عرفة سُنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم لغير الحاج، لأن الحاج لا يُسن له ولا يُشرع له أن يصوم يوم عرفة، حيث أن الحاج يقوم بأعمال عظيمة والوقوف فى أرض عرفات والإبتهال إلى الله، كما يُكابد مشاق السفر والحر الشديد. 


قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة احتسب على الله تعالى أن يُكفر ذنوب سنتين، سنة قبله وسنة بعده" ولا يُستحب لحجاج بيت الله الحرام الصوم فى يوم عرفة، فالنبي كان مُفطرًا فى عرفة وشرب أمام الناس، حتى يعلموا أنه مُفطرًا، ليكون الحاج أقوى ولديه القدرة التى تعينه على طاعة الله فى هذا اليوم. 


يوم النحر وهو يوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى المبارك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر" رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني. 


قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} [الأنعام : 162-163]. 

والمراد بالنُسك هنا الذبح، ويجب الإخلاص في ذبح الأضحية والحذر من الرياء، مع مراعاة تقسيم الأضحية ثلاثة أقسام، بحيث نأكل من لحم الأضحية بمقدار الثلث، ونتصدق بثلثها الثاني على الفقراء والمساكين، ويتم إهداء الأصدقاء والأقارب والجيران بالثلث الثالث. 


الأعمال الصالحة المستحبة فى عشر ذي الحجة 

من فضل الله ونعمته علينا ورحمته بنا أن منحنا فرصة للعمل فى أيام عشر ذي الحجة، لينتهزها أهل الطاعة والتقوى ويضاعفوا فيها نشاطهم بالأعمال الصالحة.


ينبغي إستقبال هذه الأيام بالتوبة إلى الله من جميع الذنوب من الصغائر والكبائر، والإقلاع عن المعصية والندم على إقتراف الذنوب، مع العزم على عدم العودة إلى إرتكاب المعاصي مرةً أخرى، قبل الدخول فى العشر الأوائل من ذي الحجة. 


كما ينبغي العزم بالقلب على إستثمار هذه الأيام والحرص على آداء العبادات التى تُقرب إلى الله تعالى، ومنها الصيام ثم المحافظة على الصلوات الخمس فى جماعة ثم الإكثار من ذِكر الله تعالى وأعظم الذِكر قراءة القرآن الكريم. 


كما يُستحب فى هذه الأيام التواصل بين الناس وتبادل الزيارات بعضهم وبعض، وصلة الأرحام، وخصوصاً فى يوم العيد. 


ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام العشر أنه قال: "ما من أيامٍ أعظم عند الله، ولا أحبُ إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير"، فالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير هذا الذِكر هو الباقيات الصالحات، ولذلك كان الصحابة يذكرون الله فى عشر ذي الحجة حتى فى الأسواق، حينما يلقى بعضهم بعضاً يُكبرون "الله أكبر الله أكبر" حتى يرتج السوق بالتكبير.


الحرص على قيام الليل والإكثار من الدعاء والذِكر فيها، وقراءة القرآن الكريم فيقذف الله من نوره فى القلوب. 


الإكثار من الصدقات والإحسان إلى الفقراء ومساعدة المحتاجين، وتفريج كرب المكروبين، فإن العمل الصالح سببًا لرضا الله وسببًا لتفريج الهموم والكربات وسببًا لحُسن الخاتمة ودخول الجنة بإذن الله. 


آداء فريضة الحج والعُمرة، إن من أفضل ما يُعمل فى هذه الأيام العشر؛ حج بيت الله الحرام والقيام بآداء نُسكه على الوجه المطلوب، وذلك لمن لديه الإستطاعة البدنية والمادية، أما من لم يستطع فعليه بإغتنام فضل هذه الأيام المباركة وإستثمارها بطاعة الله تعالى، بالصلاة والصيام والقيام وقراءة القرآن والذِكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلنحرص على إغتنام مواسم الخيرات والمبادرة بالعمل الصالح، والفوز بالثواب العظيم وجناتٍ تجري من تحتها الأنهار بإذن الله تعالى. 




 


تعليقات

التنقل السريع