لماذا لا نحب إنجاب البنات؟
خلق الله الذكر والأنثى من نفسٍ واحدة، ومن ذاك الذكر وتلك الأنثى معاً جاءت البشرية كلها، ولا يولد أحداً من البشر
من ذكرٍ أو أنثى بمفرده.
فالإثنان مكملان لبعضهما ولا غنى لأحدهما عن الآخر، ولكن منذ بداية الخلق وحتى الآن والناس يفضلون إنجاب الذكور على إنجاب الإناث.
فى بادئ الأمر فى الجاهلية وقبل الإسلام كانوا يفضلون إنجاب الذكور لعدة أسباب منها :- الإستعانة بهؤلاء الذكور فى العمل وجلب الرزق عندما يكبرون ويصبحون قادرون على العمل، أما البنت فكانوا يعتبرونها سبباً فى جلب العار لا فى جلب الرزق، ويعتبرونها عالة على الأسرة حتى تتزوج وتنتقل نفقتها إلى زوجها.
·
وأد البنات :-
وأد البنت المولودة يعني دفنها
صغيرة فى القبر وهى حية، وسلوك وأد البنات فى الجاهلية جاء من فكرة إعتبارهم البنت
سبباً من أسباب جلب العار، ولكن عندما جاء
الإسلام نهى عن ذلك السلوك وأمر بإحترام المرأة وكرمها كأم وزوجة وأخت وإبنة.
يقول الله تعالى فى كتابه الكريم :-
"وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل
وجهه مسودًا وهو كظيم"
فتجد القرآن الكريم وصف خبر ميلاد الأنثى بالبُشرى، مع إنهم كانوا يستقبلون تلك البُشرى بوجهٍ مسودٍ وكظيم، ولم تكن ظاهرة وأد البنات شائعة فى المجتمع العربى كله قبل الإسلام ولكنها وُجدت على شكل حالاتٍ فردية، وإلا ما استمرت البشرية إلى الآن بذكورٍ فقط! وهذا ما حدث تقريباً فى معظم المجتمعات وليس عند العرب فقط، والأفظع إنه لا يزال يحدث حتى الآن فى بعض الدول مثل الصين والهند.
·
أسباب وأد البنات :-
*وهناك سبب إقتصادي محض فى قضية قتل
الأطفال عموماً والبنات تحديداً، وهذا السبب هو الخوف من الفقر وعدم إستطاعة
الأسرة الإنفاق على أفرادها، يقول الله تعالى فى كتابه الكريم :-
"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق
نحن نرزقهم وإياكم".
*وهناك سبباً إجتماعياً لوأد البنات
وهو النظر للبنت على إنها سبب لجلب العار، وهذا كان قديماً فقط فى حال الغزو
والحروب، حيث كانت القبائل تخشى حدوث الأسر والسبي، فالأب كان يخشى من وقوع إبنته
فى الأسر أو السبي عند قبيلة مُعادية، والعار هنا مرتبط بعجز الأب وقبيلته عن حماية
أفراد الأسرة أو القبيلة، وربما كان الأب
يخشى على البنات من الذُل والهوان بعد قتله فى الحرب، بينما فى المقابل يُعد
الذكور هم الفئة المحاربة التى تحمي القبيلة من غزوات الأعداء.
*الإعتقاد فى كون الذكور سبباً لإستمرار
النسل وإمتداداً للقب العائلة، حيث أن أبناء الذكور يحملون إسم الأب والأسرة أما
أبناء البنات يحملون إسم رجال غرباء، ولا يزال هذا المعتقد سائداً فى محافظات مصر
كمحافظات الصعيد.
*وجود عيوب خِلقية فى المولودة يُعد سبباً فى قتلها والتخلص منها إذا وُلدت مُشوهة أو بها عاهة أو حتى سوداء اللون، والوأد لهذا السبب يشبه الإجهاض فى وقتنا الحالي والذى يحدث لأسباب تتعلق بتشوهات الجنين.
ويأخذ وأد البنات شكلاً آخر فى الوقت الحاضر وهو إجهاض المرأة الحامل فى أنثى بعد معرفة نوع الجنين.
* تعددت الأسباب لوأد البنات والعنف ضد هذا الجنس الضعيف، ولكن يبقى السؤال ما هو الذنب الذي ارتكبته تلك البنت لتُقتل وتُسلب حق الحياة؟ وكما يقول الله تعالى فى سورة التكوير :- " وإذا المولودة سُئلت بأي ذنبٍ قُتلت"
·
أمثال شعبية مُجحفة للمرأة :-
هناك العديد من الأمثال الشعبية
التى تسيئ إلى المرأة، وتنحاز للرجل وتميزه عنها، ربما سيقت هذه الأمثال قديماً فى
موقفٍ ما أو فى ظرفٍ معين تحتم فيه هذا القول، ولكن ليس معنى هذا أن تظل مثل هذه
الأمثال تُذكر حتى يومنا هذا وكأنها كلام مُصدق به وموثوق فيه، مما لا شك فيه أن
هذه عنصرية وعنفاً ضد المرأة، فلا يجب التعميم عند ذكر هذه الأمثال أو الإستشهاد
بها مما يتسبب فى إهانة المرأة أو التقليل من شأنها، فهناك نساءً كثيرة على مر
العصور قامت بأدوار عظيمة لم تقم بها الرجال، فى حين رجالاً كثيرة تخلت عن القيام
بدورها فى حياة أسرهم ومجتمعاتهم.
·
ومن هذه الأمثال :-
*"لما قالولي دا ولد إنشد ضهري
واتسند ... ولما قالولي دي بنية إتهدت الحيطة عليا" ويقال عند الولادة بمعنى إن
الولد السند أما البنت فلا يأتي من ورائها إلا المشاكل.
*"عقربتين ع الحيط ولا بنتين في
البيت" ويردد هذا المثل لمن كان لديه إبنتين أو أكثر في بيته، وأن وجود البنات فى بيته أصعب من وجود العقارب السامة التى تصيب الناس بالأذى.
*"يا جايبة البنات يا شايلة
الهم للممات" ويقصد هذا المثل أن الأم التى تنجب البنات تظل تحمل الهم طوال حياتها لإعتبار البنات ضعيفات ويحتجن إلى المساعدة والمساندة طوال حياتهن.
*"إبن الإبن إبن الحبيب وإبن
البنت إبن الغريب " ويشير هذا المثل لأحفاد الأسرة من جهة الإبن الذكر بكونهم أحباء، بخلاف أحفاد الأسرة من جهة الإبنة الأنثى بكونهم غرباء ويحملون إسم رجلٍ غريب.
*"إكسر للبنت ضلع يطلع لها
24" ويضرب هذا المثل حتى يومنا هذا لتحفيز أهل البنت على ممارسة العنف والشدة والقسوة فى تربيتها.
وهناك أمثال شعبية جاءت لتنصف الرجال وتبين قوتهم وأهميتهم مثل :-
*"ضل راجل ولا ضل حيط" ...
دليل على أن الرجل هو القوة والستر مهما كانت شخصيته.
*"الولد لو قد المفتاح بيعمر
البيت"... دليل على أهمية الرجل فى التعمير.
*" ما يجيبها إلا رجالها"...
تشجيعاً للشخص الذى يقوم بشئ يعجز عنه غيره.
*" الراجل فى البيت رحمة ولو
كان فحمة"... دليل على أهمية وجود الرجل بأي شكل من الأشكال .
· فضل إنجاب البنات فى الإسلام :-
البنات نعمة من نعم الله سبحانه
وتعالى علينا، ولقد حثنا رسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم" على الإحسان
إلى الإناث وذلك بحُسن تربيتهن على طاعة الله، وتعليمهن، والحرص على عفتهن أو
بعدهن عما حرم الله من التبرج وغيره.
عن أبي سعيد الخدري "رضى الله
عنه" قال : قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" :- " من كان له
ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو ابنتان أو اختان، فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله
الجنة" رواه الترمذي.
وفى الحديث بيان لحق البنات على
آبائهن أو من يقوم على تربيتهن، وذلك لضعف البنات وعدم قدرتهن على القيام بمصالح
وشئون أنفسهن، وليس المقصود الطعام والشراب والسكن والكسوة والتزويج فقط؛ بل الأدب
والرحمة وحُسن التربية والتعليم والتهذيب والتوجيه مع حُسن المعاملة، إن من فعل
هذا فله الجنة إن شاء الله.
وفى رواية أخرى "كُن له ستراً
من النار"
أي أن الإحسان إلى البنات له أجرٌ
عظيم وسبب فى دخول الجنة وستراً وحجاباً له من النار.
فلماذا نحزن من إنجاب البنات؟ أليست البنت هى
نفسها الأم الحنون والزوجة الصالحة والأخت والإبنة البارة!
وهل من الممكن أن تستمر الحياة بدون المرأة؟ إنها نصف الرجل الآخر الذي بفقدانه تنهار الحياة.
· دور المرأة فى الأسرة والمجتمع :-
المرأة هى أساس صلاح الأسرة، وهى
المربية الأولى لأبنائها منذ الصغر، وهى السبب الأول فى نجاح الأبناء أو فشلهم،
كما لها دوراً بارزاً كعاملة خارج البيت، وكذلك فى بناء المجتمع وتطويره، حيث حققت
الكثير من الإنجازات التي كانت غير متوقعة وكانت مقتصرة على الرجال، وأثبتت أنها قادرة
على خوض مختلف مجالات الحياة بقدرة وكفاءة عالية سواءً كانت فى الإقتصاد أو السياسة
أو التعليم أو الطب... إلخ.
وتمكنت المرأة حالياً من إكتساب حقوقها التى لم تكن تستطيع الحصول عليها من قبل، وأصبحت تتمتع "بحقوق المرأة" التى كفلتها لها القوانين، وبذلك تخطت الكثير من المشكلات الإجتماعية التى واجهتها حتى وصلت إلى أعلى المراتب العلمية العليا، ونالت العديد من الجوائز العالمية، وواجهت التحديات ولم يعُد دورها قاصراً على رعاية الأبناء والأسرة، بل أصبح لها دورٌ فعال فى تقدم المجتمع والنهوض به.
تعليقات
إرسال تعليق