حُسن الخاتمة 

 ينبغي أن يحرص الإنسان على تطهير نفسه من المعاصي والذنوب، حتى لا تكون هذه المعاصي سببًا من أسباب سوء الخاتمة، وكذلك يحرص على الإبتعاد عن الأمور التى لا تتضح له حقيقتها، حتى لا تكون فتنة أو بدعة ويكون ذلك سببًا من أسباب تغير القلوب، كما يجب عليه أن يحرص على لزوم الطاعات والعمل الصالح، حتى تكون سببًا من أسباب حُسن الخاتمة.

معنى حُسن الخاتمة

أن يوفق العبد قبل موته للبعد عن المعاصي، والتوبة منها والإستقامة على طاعة الله وأعمال الخير، فيموت على هذه الحال الحسنة فعن أنس ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- " إذا أراد الله بعبده خيرًا استعمله، قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعملٍ صالحٍ قبل موته." [ رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " إذا أراد الله عز وجل بعبدٍ خيرًا عَسَلَهُ، قيل: وما عَسَلَهُ؟، قال: يفتح الله عز وجل له عملًا صالحًا قبل موته ثم يقبضه عليه. " [ رواه أحمد وصححه الألباني ].

السبيل إلى حُسن الخاتمة

الإستعداد للخاتمة من وسائل النجاة:-  إستعدادًا فى صلاح القلب؛ وهو بالعلم النافع الذى يورث فى القلب العلم بالله، ومعرفته وأسمائه وصفاته، واليقين في ذلك.

- وإستعدادًا فى صلاح العمل؛ وهو بالإمتثال لأمر الله وإجتناب نواهيه، والإستغفار من الذنوب والخطايا.

- قال ابن باز رحمه الله:- من سنته فى عباده جل وعلا أن من اتقاه واستقام على أمره عن إيمانٍ وإخلاصٍ وصدق، فالله جل وعلا يُحسن له الختام فضلًا منه وإحسانًا، وهذا من جنس قوله تعالى:- {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن : 60].

- الله سبحانه وتعالى أكرم من أن يخذل شخصًا أمضى عمره على طاعة الله، فإذا نشأ العبد في طاعة الله، واستقام واستمر على الطاعات، فإن الله يشكر له حتى يُحسن له خاتمته.

أسباب حُسن الخاتمة

*لزوم الإستقامة على دين الله، وقد جرت سنة الله سبحانه وتعالى أن من شب على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، قال تعالى:- {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت : 30].

 *الإكثار من دعاء الله ليلًا ونهارًا بحُسن الخاتمة، وهو من دعاء الأنبياء والمرسلين كما جاء فى دعاء سيدنا يوسف عليه السلام : {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف : 101]، ومن ذلك كثرة ذكر الله؛ فمن أكثر ذكر الله تعالى كان جديرًا بأن يكون ذكر الله حاضرًا عند موته.

*تحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله، وإتباع سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*المحافظة على الصلاة على أوقاتها، وإجتناب الكبائر، والكف عن ظلم الناس، وآداء الحقوق والأمانات، وحُسن معاملة الناس.

*الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة، والبعد عن المعاصي بالجوارح وعن الفكر فيها بالقلب.

*من العوامل المعينة على حُسن الخاتمة؛ إحسان الظن بالله والتوكل عليه، والتوكل على الله فى التثبيت على الدين والهداية إلى الصراط المستقيم.

علامات حُسن الخاتمة

1- النطق بشهادة التوحيد عند الموت، لحديث معاذ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة". رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح.

2- أن يُختم له بعملٍ صالح كصيام أو صلاة أو صدقة أو ذكر أو تلاوة القرآن الكريم، كما ورد عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " من مات على شيء بعثه الله عليه" رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.

3- الإستشهاد فى سبيل الله فى ساحات الجهاد والقتال، لقوله تعالى:- {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)} [آل عمران : 169-170].

4- الموت بعرق الجبين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- " المؤمن يموت بعرق الجبين". رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني، يقول العلماء:- أي يشتد الموت على المؤمن بحيث يعرق جبينه من الشدة، لتمحيص ذنوبه أو لتزيد درجته.

5- الموت ليلة الجمعة أو نهارها، لقوله صلى الله عليه وسلم:- " ما من مسلمٍ يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر". رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني.

6- الموت بالطاعون وداء البطن والغرق والهدم والحرق والمرأة تموت في نفاسها، والموت دفاعًا عن النفس والمال والعرض ومن مات مرابطًا فى سبيل الله.

*إن ظهور شيء من علامات حُسن الخاتمة لا يلزم منه الجزم بأن صاحبها من أهل الجنة، ولكن يُستبشر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه بأنه غير صالح، فهذا كله من علم الغيب لا يعلمه إلا الله ونسأل الله لنا ولكم حُسن الخاتمة.

ولكن ندعو الله له بالمغفرة والرحمة والدرجات العُلا من الجنة، وأن نُكثر من الأعمال الصالحة والصدقات عنه.

من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول:- " يا مُقَلِّبَ القلوب، ثَبِّتْ قلبي على دينك". [رواه الترمذي وصححه الألباني]. 

كما كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من فتنة المحيا والممات: " وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات". [متفق عليه].

" اللهم يا مُقَلِّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن".