القائمة الرئيسية

الصفحات

بر الوالدين.. قصة مؤثرة عن بر الوالدين

بر الوالدين.. قصة مؤثرة عن بر الوالدين



بر الوالدين.. قصة مؤثرة عن بر الوالدين


الوالدان هما من أنجبا الأبناء وتكفلاهم بالحب والحنان والرعاية، وهما من قاما بتربيتهم وتعليمهم وهم صغار، وبر الوالدين هو أن يُرضي الإنسان والديه بكل ما يستطيع ولا يغضبهما أو يقول لهما ما يحزنهما، ويتعامل معهما بتواضع وتقدير لمكانتهما، ويجلس أمامهما بكل إحترام ويستمع إليهما دون مقاطعة لحديثهما ويتبع آداب الحديث ويطيعهما فى كل الأمور عدا الشرك بالله، فيكون بر الوالدين بمعنى حُسن الصُحبة وطيب العشرة وبمعنى الطاعة والصلة والرحمة.


بر الوالدين فى الإسلام

حرص دين الإسلام على بر الوالدين، وقرن طاعتهما بطاعة الله، بل وقرن الإحسان إليهما بعبادته التى هى توحيده والبراءة من الشرك به، وجعل إحسان المرء لوالديه من أعلى درجات الإحسان التى بها الأجر والثواب والتوفيق فى الدنيا والآخرة، وفى هذا إشارة إلى أهمية بر الوالدين  ودورهما الكبير في حياة الأبناء.


إتفق أهل العلم بالإجماع على أن بر الوالدين فرض، وأن عقوقهما من الكبائر. 


قال تعالى:- { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} [الإسراء : 23-24].


ألزم الله سبحانه وتعالى وأوجب أن يُفرد بالعبادة، وأمر بالإحسان إلى الأب والأم وبخاصة فى حالة الشيخوخة، وأمرنا ألا نضجر ولا نستثقل شيئًا نراه من أحدهما أو منهما، ولا نُسمعهما قولًا سيئًا حتى ولا التأفيف الذى هو أدنى مراتب القول السيئ، ولا يصدر منا إليهما أي فعل قبيح، بل وعلينا الرفق بهما والرحمة وقول الكلام الطيب ومعاملتهما باللين واللطف. 


وقال الله تعالى:-{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ........}[ النساء 36]. 


ومن هنا نفهم كيف يربط السياق القرآني بر الوالدين بعبادة الله تعالى، وذلك ليُدلل ويؤكد لنا على أهمية هذا الأمر ومكانته عند الله. 


وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما:

" يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يغلظ لهما فى الجواب، ولا يحد النظر إليهما ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذلُلًا لهما ". 


وفى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء رجل إليه فقال: من أحق الناس بحُسن صحابتي؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال:" أمك "، قال: ثم من؟ قال:" أمك "، قال: ثم من؟ قال: " ثم أبوك ". ( رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة).


وعن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يُعجله لصاحبه فى الحياة قبل الموت" ( رواه الطبراني). 


المسلم يبر والديه فى حياتهما ويبرهما بعد موتهما أيضاً، بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة ويُنفذ لهما عهدهما ويُكرم أصدقاءهما، ويصل رحمهما التى لا توصل إلا بهما. 


حقوق الوالدين 

من الطبيعي أن يُقدم الإنسان الشكر لمن يمد له يد المساعدة، والوالدان هما أحق وأولى الناس بالشكر والتقدير، لأنهما هما من قاما بتقديم الحب والعطاء والتفاني لأبنائهما دون إنتظار مُقابل، بل وكانت أعظم سعادتهما رؤية أبنائهما فى أحسن حال وأعظم مكانة. 


ومن حقوق الوالدين:-

1. طاعتهما وتلبية أوامرهما، والتواضع لهما وخفض الجناح ومعاملتهما برفق ولين، وإحترامهما وتقديرهما. 


2. حُسن التعامل معهما عند الكبر، وعدم الملل من خدماتهما أو طلباتهما المتكررة، بل والإنفاق عليهما عند الحاجة، وعدم المن عليهما بأي خدمة تقدم لهما. 


3. خفض الصوت عند الحديث معهما وعدم مجادلتهما أو الكذب عليهما، وعدم مضايقتهما أو إظهار الضيق منهما، بل وإستخدام أعذب الكلمات عند الحديث معهما، والإبتسامة فى وجههما والبشاشة عند لقائهما. 


4. تقديم الشكر والتقدير لهما والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة. 


5. الإحسان إليهما ومجاهدة النفس للوصول إلى رضاهما، حتى بعد موتهما يجب الصلاة عليهما والدعاء والإستغفار لهما وقضاء ديونهما إن وجدت، وصلة رحمهما، 


6. إختصاص الأم بمزيد من البر لحاجتها وضعفها كأمرأة، ولرد الجميل والعرفان لها لحُسن صنيعها مع الأبناء وتعبها معهم في الحمل والولادة والرضاعة. 


7. تقديمهما على النفس فى كل شيء أثناء المشي أو تناول الطعام، وتعويد النفس على بر الوالدين، إلى أن يصبح برهما من الفطرة وحُسن الطبع. 


8. التصدق عنهما بالمال والملابس والطعام أو بالصدقات الجارية كصنابير المياة فى الطرق والمصاحف فى المساجد أو أي أعمال خير ويوهب ثوابها إليهما. 


فضل بر الوالدين 

1. بر الوالدين سبب في دخول الجنة؛ ولا يدخل الجنة عاقٌ لوالديه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه"، قيل: من يا رسول الله؟، قال: "من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة" ( رواه مسلم والترمذي). 


2. بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله تعالى؛ عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: " الصلاة على وقتها"، قُلتُ: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قُلتُ: ثم أي؟ قال:" الجهاد في سبيل الله ". (متفق عليه). 


3. رضا الوالدين سببًا فى رضا الله؛  فالإنسان البار بوالديه يحبه الله ورسوله والناس أيضاً. 


4. بر الوالدين نجاة من مصائب الدنيا وهو سبب لتفريج الهموم والكربات، كما أنه سبب في قبول الدعاء. 


5. بر الوالدين سبب في غفران الذنوب؛ يكفر الله للإنسان البار بوالديه سيئاته ويضاعف له حسناته. 


6. من ثمار بر الوالدين فى الدنيا، سعة الرزق والصحة والسعادة، فمن أطاع والديه طال عمره وكثُر رزقه وبورك له فى صحته ودامت فرحته. 


7. صلاح حال الأبناء نتيجة بر الوالدين، كما أن كل ما نقوم به بِرًا للوالدين يُرد لنا من أبنائنا. 


عقوق الوالدين 

إن من أعظم الكبائر بعد الإشراك بالله عز وجل عقوق الوالدين، يقول العلماء: " أن العقوق هو إيذاء الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان مُحرمًا من جملة الصغائر فيكون فى حق الأبوين كبيرة". 


العقوق عكس البر، وهو كل فعل أو قول يتأذى به الوالدان من ولدهما، ويتمثل ذلك في الهجران وعلو الصوت وعصيانهما وعدة أشكالٍ أخرى من أنواع الإيذاء؛ مثل إبكاء الوالدين وتحزينهما بالقول والفعل ونهرهما وزجرهما ورفع الصوت عليهما والتأفُف من أوامرهما والعبوس وتقطيب الجبين أمامهما أو النظر إليهما شزرًا والأمر عليهما أو شتمهما أو ضربهما أو ذمهما أمام الناس، أو البُخل عليهما والمنة عليهما. 


هجر الوالدين من العقوق وإن ظلما، فالهجر والقطيعة من الكبائر فى حق الغير ففى حق الوالدين أشد فهو أشد من قطيعة الرحم، حيث أن صلة الوالدين أعظم الصلة فقطعها أعظم القطع، فهجر الوالدين ذنب كبير يجب الإقلاع عنه والمُبادرة إلى صلتهما والإحسان إليهما. 


من مظاهر عقوق الوالدين: 

العبوس فى وجه الوالدين وعدم الإصغاء لحديثهما، وعدم الإهتمام بهما وبأمورهما. 


وضع الوالدين في دار المُسنين للتهرب من رعايتهما. 


عدم الإنفاق على الوالدين إذا كانا فى حاجة مالية ضرورية. 


معاملة الأب والأم معاملة سيئة فتؤدي إلى بكائهما أو بكاء أحدهما من شدة الألم. 


إنتقاد الطعام الذى تُعده الأم على الدوام وعدم شكرها على تعبها وعدم تقدير مجهودها. 


وعلى الوالدين إعانة الأبناء على برهما، وذلك بالرفق بهم وعدم القسوة عليهم، وحُسن التعامل والتربية الفاضلة والتسوية بين الأبناء في المعاملة والعطاء. 

جزاء عقوق الوالدين:

-عقوق الوالدين ذنب عظيم ومن أكبر الكبائر وعاقبته وخيمة، وهو سبب لدخول النار والحرمان من دخول الجنة. 

-إستحقاق لعنة الله لمن سب والديه أو لعنهما. 

-تعجيل عقوبة العاق لوالديه فى الدنيا قبل الآخرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إثنتان يُعجلهما الله فى الدنيا: البغي وعقوق الوالدين". ( رواه البخاري والطبراني وصححه الألباني). 

-عقوق الوالدين سبب في إنتزاع البركة من عمره وحياته، وقلة رزقه وعدم استجابة دعائه وحرمانه من رفع أعماله إلى السماء. 

-يُرد للعاق لوالديه العقوق من أبنائه وذريته. 


قصة مؤثرة عن بر الوالدين 

يُحكى أن إمرأة بسيطة وفقيرة تُوفي زوجها وهى لاتزال شابة صغيرة وجميلة الشكل، وترك لها ولدًا صغيرًا عمره لا يتجاوز الثلاث سنوات إسمه حسن، رفضت أم حسن أن تتزوج مرة أخرى بعد موت زوجها ووهبت شبابها لتربية إبنها الوحيد حسن وعملت بالخياطة فى منزلها حتى لا تخرج وتترك ولدها الصغير، وقامت بتربيته وتعليمه وقد أحسنت تربية حسن فكان يتحلى بسمو أخلاقه وحُسن أدبه ومعاملته الطيبة لأمه وللآخرين. 


كبر حسن وتخرج من الجامعة واستلم وظيفته فى شركة كبيرة، ورزقه الله منها براتبٍ شهريٍ كبير، نوى حسن أن يعطي لأمه كل شهر مبلغًا من المال ردًا لجميل أمه التى تعبت كثيرًا من أجل تربيته وتعليمه، ويدين لها بما وصل إليه اليوم. 


لكن القدر لم يمهله ليفعل ما نوى عليه، وشاء الله وتوفيت أم حسن فحزن قلبه وبكى عليها كثيرًا، ونذر لله تعالى مبلغًا من المال يدفعه شهريًا للفقراء والمساكين ناويًا وواهبًا الأجر والثواب لأمه الحبيبة رحمها الله، وكان حسن يدعو لأمه عقب كل صلاة بالرحمة والمغفرة وحُسن الثواب، وبالفعل بدأ حسن فى فعل الخير واهبًا الأجر والثواب لأمه برًا لها. 


تزوج حسن وأنجب ثلاثة أبناء هم أحمد ومحمد ومحمود، وتحسنت أحواله المادية وصار يتصدق كثيرًا على نية الأجر لأمه الغالية ووضع فى عددٍ من المساجد برادات للمياة وقفًا لها. 


وفى يومٍ من الأيام خرج حسن للصلاة فى المسجد، فرأى مجموعة من الرجال يضعون برادة ماء فى مسجد حيهم، فضاق صدره وقال لنفسه: وضعت برادات الماء فى مناطق ومساجد كثيرة ونسيت أن أضع برادة ماء فى مسجد حينا..! 


وبينما حسن يُفكر ويلوم نفسه على نسيانه، وإذا بإمام المسجد يلحق به ويقول: جزاك الله خير الجزاء يا حاج حسن على برادة الماء لقد كُنا بحاجة إليها. 


تعجب حسن ثم قال: لا والله إنها ليست مني، فقال الإمام: بلى إنها منك؛ لقد أحضرها إبنك أحمد اليوم وقال إنها منك، سمع حسن  صوت نداء إبنه أحمد، فإذا به  يأتي ويُقبِل يده ويقول: يا أبي إنها مني ونويت أجرها لك، فتقبلها سقاك الله من أجرها بسلسبيل الجنة يا والدي الحبيب. 


نظر حسن لإبنه أحمد نظرة فخرٍ وإعجابٍ ثم سأله: كيف إشتريت هذه البرادة؟ ومن أين أحضرت ثمنها يا ولدي؟ وأنت لا تزال طالب في السنة الأولى بالجامعة ولا تعمل؟


قال أحمد: مُنذ خمس سنوات وأنا أدخر قدرًا من مصروفي الخاص وأجمع عيدياتي وجميع ما أمتلكه من نقود، حتى إكتمل المبلغ اللازم لشراء برادة الماء، فاشتريتها الآن لأبرّ بك يا أبي كما بررت أنت بأمك رحمها الله، وأضع لك وقفًا كما فعلت لها. 


البِّرُ دَيْن.. وسيعود لك فى أبنائك.. كما تدين تُدان.. رب اغفر لي ولوالدي.. رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا. 





تعليقات

التنقل السريع