القائمة الرئيسية

الصفحات

هل تعلم من هم أصحاب الأيكة

هل تعلم من هم أصحاب الأيكة

 


هل تعلم من هم أصحاب الأيكة


من هم أصحاب الأيكة؟

أصحاب الأيكة هم إحدى القبائل العربية القديمة، كانوا يعيشون فى منطقة فى الشمال الغربي لشبه الجزيرة العربية، وهى تقع بالقرب من مدينة "البدع" التابعة للمنطقة الجبلية لمدينة "تبوك" بالمملكة العربية السعودية، وكانوا يبنون مساكنهم من الحجارة، منحوتة فى الجبال الصخرية، وكانوا يعملون برعي الغنم والتجارة والزراعة، كانوا يعيشون حياة رغدة ويتمتعون براحة كبيرة ورفاهية، وأسواقهم مليئة بالخيرات وينعمون بنعم كثيرة والأنهار تروي أراضيهم فى كل مكان.


ذهب بعض العلماء والمفسرين إلى أن أصحاب الأيكة هم أنفسهم أهل مدين، وذهب البعض الآخر إلى أنهم قومٌ آخرون يختلفون عن أهل مدين. 

ذكر القرآن الكريم أن نبي الله موسى عليه السلام، قد لجأ إلى أهل مدين عندما فر هاربًا من بطش فرعون، وعاش معهم سنوات طويلة وصاهرهم. 


لماذا أُطلق عليهم هذا الإسم؟

أُطلق عليهم هذا الإسم؛ لأنهم كانوا يعبدون شجر الأيك.

يقول المفسرون: إن إستعمال القرآن الكريم لعبارة "أصحاب الأيكة" فى تسميتهم، إشارة إلى النعم التى أعطاها الله لهم، والأيكة هى الشجرة الكبيرة والأيك هو الشجر الكثيف المُلتف الأغصان بعضه على بعض، ووصفت أرضهم قديمًا بكثافة أشجارها وبساتينها.


من صفات أصحاب الأيكة: الظلم والشرك بالله، بخس الناس أشياءهم بالغش، التعدي على الأنفس والأعراض، نشر الفاحشة والفساد فى الأرض. 


النبي شُعيب خطيب الأنبياء

عاش أصحاب الأيكة فى بلدة مليئة بالماء والأشجار بين الحجاز والشام، وكانت حياتهم مُرفهة ثرية، فأصيبوا بالغرور والغفلة، ونشروا الفساد فى الأرض، وعُرفوا بالغش فى الميزان، كانوا إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويزيدون عما يستحقون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وينقصون ولا يعطونهم ما يستحقون. 


فبعث الله لهم نبيه شُعيب، ليهديهم إلى عبادة الله، والبُعد عن الغش فى الميزان. 


نبي الله شُعيب هو نبي عربي عُرف بحكمته وفصاحته، فلُقب بخطيب الأنبياء،  أُرسل إلى قوم مدين أو أصحاب الأيكة، وهو من سلالة إبراهيم عليه السلام فهو من نسب "مدين"، ومدين هو أحد أبناء إبراهيم عليه السلام من زوجته قطورة التى تزوجها بعد موت زوجته الأولى سارة. 


وهب الله نبيه شُعيبًا أسلوبًا بليغًا ومُقنعًا فى الحوار والمخاطبة الحسنة، كان له لسان ينطق بخير الكلام، وأسلوبًا مؤثرًا فيه لين ولطف ورفق. 

لم تكُن قضية النبي شُعيب قضية توحيد وألوهية فقط، بل كانت تعديل وتقويم لأسلوب حياة الناس، { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ} [هود : 84]. 


لكنهم رفضوا واستكبروا واستمروا فى عنادهم، واعتبروا أن بخس الناس أشياءهم نوعًا من أنواع المهارة فى البيع والشراء، وشطارة فى الأخذ والعطاء. 


دعا شُعيب قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن الغش فى الكيل والميزان، وأوصاهم بالعدل وبالغ فى نُصحهم وتحذيرهم، وإلا فسيخسرون النعمة ويواجهون عذابًا شديدًا وهلاكًا من الله تعالى، كما فعل من قبلهم قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط عليهم السلام، جميعًا. 


{وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ۚ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} [هود : 89]. 


قابل قوم شُعيب دعوته بالعصيان والإستهزاء والسخرية منه ولم يستجيبوا لدعوته، واستضعفوه لأنه كان عليه السلام ضرير البصر، كما أن من اتبعوه كانوا من الفقراء والمساكين فقط. 


قصة أصحاب الأيكة فى القرآن الكريم

وردت قصة أصحاب الأيكة فى القرآن الكريم فى سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة العنكبوت، وسورة الشعراء.


{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (180)  أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181)

[سورة الشعراء 176 : 181] 

لم يستجيب قوم شُعيب لدعوته، فدعا ربه متوكلًا عليه ومتضرعًا بقلبٍ مملوءٍ بالإيمان فاستجاب الله لدعائه، وابتلى الله قوم شُعيب بالحر الشديد، فلم يكُن يروي ظمأهم ماء ولا تقيهم ظلال ولا تمنعهم تلال ولا جبال، فخرجوا من ديارهم فرأوا سحابة كبيرة ظنوها مظلةً أو ستارًا يستظلوا بها من شدة الحر، فاستظلوا بها لتقيهم من الحر الشديد، ولما اجتمعوا تحتها وصاروا كلهم تحت الغمامة، بدأت ترميهم بأسراب من الشرر واللهب، وجاءتهم الصيحة وعذاب السماء وزُلزلت الأرض تحت أقدامهم، حتى زهقت أرواحهم وهلكوا جميعًا، فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة. { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء : 189]


جمع الله عليهم أنواعًا من العذاب والعقاب، لما اتصفوا به من قبيح الصفات، فكان عذاب يوم الظُلَّة وهى غمامة فيها نار ولهب، أرسل الله عليهم منها شرر النار من كل الجهات، وسلط الله عليهم رجفةً شديدةً وهى إهتزاز الأرض من تحت أقدامهم فأسكنت الحركات ودمرت بيوتهم، وصيحةً عظيمةً أخمدت الأصوات وقضت عليهم، ونجا الله شُعيبًا والذين آمنوا معه، وهذه سُنة الله فى الأرض يمحق الكافرين ويورث الأرض لعباده الصالحين. 


العبر المستفادة من قصة أصحاب الأيكة 

1- أن المال الخبيث وإن كثُر، فلن يكون لصاحبه خيراً، بل عذابًا شديدًا وهلاكًا من رب العالمين فى الدنيا والآخرة. 


2- إن الذين يبخسون الميزان والمكيال، ويغشون الناس فى تعاملاتهم فى البيع والشراء، لهم عذاب أليم، كما قال الله تعالى:- {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين :1].


3- عدم الإستهزاء والسخرية من الناس لضعفهم، أو لفقدهم أحد حواسهم، فإن الله قويٌ وخير مُعين لهم وينصرهم بقوته وقدرته. 


4- إن العدل والإحسان وآداء العبادات، من أعظم أسباب الفوز بالجنة. 


5- أن الرزق الحلال الطيب وإن كان قليلًا، لكنه يُغني صاحبه ببركة الله فيه. 


6- أن بخس الناس أشياءهم ليس من فنون التجارة، أو من مهارات البيع والشراء، وإنما هو هلاك ودمار. 



تعليقات

التنقل السريع