القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف تتمالك نفسك عند الغضب؟

كيف تتمالك نفسك عند الغضب؟



ما هو الغضب؟ 

الغضب هو حالة صحية وطبيعية يشعر بها الإنسان فى أوقات الإنفعال، ولكن لابد من التعامل معه بطريقة إيجابية والسيطرة عليه، فإن لم تتم السيطرة على الغضب كما ينبغي، يخرج الإنسان عن طبيعته ويتصرف تصرفات سيئة، تؤثر سلبًا على صحته وحياته وعلاقاته.


ويكون الغضب من أقبح الأخلاق الذميمة عندما يُخرج الإنسان عن طبيعته، ويُساعده على فعل تصرفات سيئة، فينطلق اللسان بالسب واللعن والشتم، وتنطلق اليد بالبطش والإعتداء على الآخرين وإتلاف الأشياء، وله آثار مؤسفة على الإنسان وعلى المجتمع كله، كأن يكون الغضب سببًا فى فراق الأحباب والأصدقاء، وإفساد العلاقات الطيبة بين الناس، وتشتيت الأسر نتيجة الطلاق الذى يقع فى لحظات الغضب، وتشريد الأطفال، والإساءة إلى الأهل، مما يُسبب الشعور بالندم والخيبة وحدوث الخسائر. 


الغضب نزغة من نزغات الشيطان، تجعل الإنسان يظهر فى أقبح صوره، يُسبب إحمرار فى الوجه وإنتفاخ فى عروق العُنق وإرتجاف الأطراف، وتغيير الخلقة وجحوظ العينين، وإحداث تصرفات غريبة قد تُثير الإشمئزاز من الشخص الغاضب. 


يتعرض بعض الناس لنوبات قلبية وأزمات صحية شديدة بسبب ثورة الغضب وعدم ضبط النفس، نتيجة زيادة معدل ضربات القلب وإرتفاع ضغط الدم. 

للغضب أنواع:

1- غضب محمود؛ وهو ما كان لله عندما تُنتهك محارمه أو السخرية من دينه وشعائره، ومنه أيضاً الغضب لما يحدث للمسلمين من سفكٍ للدماء أو إنتهاكٍ للأعراض أو إستباحةٍ للأموال وتخريبٍ للبلاد بلا حق، وتظهر ثمرته هنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


2- غضب مذموم؛ وهو ما كان فى سبيل الباطل والشيطان وفعل الفواحش وإرتكاب المعاصي.


3- غضب مُباح؛ وهو ما لا يُخرج صاحبه إلى المكروه من القول والفعل.


كيف تتمالك نفسك عند الغضب؟

*طرق علاج الغضب:-

1 - إستعذ بالله

يقول الله تعالى:"{وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} [الأعراف : 200]


أي: وإما يُصيبنك أيها النبي من الشيطان غضب أو تشعر بوسوسة وتثبيط عن الخير أو حث على الشر، فالجأ إلى الله مُستعيذًا به، إنه سميعٌ لكل قولٍ، وعليمٌ بكل فعلٍ.


والإستعاذة بالله من الشيطان الرچيم يجب أن تكون بنيةٍ صادقة وعزيمةٍ قوية ويقين وإخلاص. 


2- لا تندفع فى رد فعلك

حاول أن تتجاهل بعض الأمور التى تُثير إستفزازك، بعد قليل من الوقت ربما تُغير وجهة نظرك تجاه الأمر الذى أشعل ثورة غضبك، وتعلم أنه لا داعي للغضب.


3- فكر وجمع أفكارك قبل البوح بها

لا تتفوه أثناء غضبك بما تندم عليه فيما بعد، فكر عندما تهدأ بطريقة غير تصادمية، وحدد إحتياجاتك ولكن دون إيذاء الآخرين بشكل مباشر.


4- كُن واقعيًا فيما يمكنك تغييره وما لا يمكنك تغييره

ينبغي عليك إدراك ما يمكنك تغييره من الأشياء التى تُثير غضبك ثم قُم بتغييرها ولا تغضب، ولكن هناك أشياء تخرج عن سيطرتك ولا تستطيع تغييرها تماماً، فعليك تقبُلها كما هى أو محاولة التأقلم والتعايش معها. 


5- خُذ قسطًا من الراحة

حصولك على فترات قصيرة من الراحة والإسترخاء خلال يومك، إما بالنوم الكافي لراحة بدنك، أو بآداء بعض التمارين الرياضية، أو ممارسة أي هوايات خاصة بك كالرسم أو الموسيقى أو الكتابة والتأليف، فكُن مُبدعًا بالقيام بمثل هذه الأشياء حتى تطرد التوتر والشعور بالغضب، وتشعر بالتحسن وتغيير المزاج وهدوء النفس وإستعادة حالة الطمأنينة التى فقدتها أثناء لحظات غضبك. 


6- كُن إيجابياً ولا تكن سلبياً 

للغضب مشاعر سلبية، تجعلك تشعر بالمرارة والظلم والإستياء، يمكنك القضاء على تلك المشاعر السلبية وإستبدالها بمشاعر إيجابية، كالتسامح والعفو وكظم الغيظ والحُلم، ولا تحمل فى نفسك ضغائن للآخرين. 


7- تمتع بشئٍ من الفكاهة والمرح

إستخدامك للفكاهة والمزاح للتلطيف وإبعاث البهجة فى نفوس الآخرين، يُساعد على تخفيف حدة الموقف وتقليل التوتر، ولكن تجنب السخرية والإستهزاء من الآخرين حتى لا تؤذيهم. 


8- لا تكُن كثير النقد واللوم

تخلى عن إلقاء اللوم والتوبيخ الزائد، فتوجيه النقد الدائم يؤدي إلى زيادة التوتر، يجب إحترام وجهات نظر الآخرين وتقديرها وعدم الإستخفاف بها عند مواجهة المشاكل، حتى لا تزيد الأمور تعقيدًا.


9- لا تتسرع فى إتخاذ القرارات أثناء غضبك 

من الحكمة وحُسن التصرف تأجيل النقاش لوقتٍ آخر، وعدم الحُكم على الأمور أثناء حالة الغضب، والخروج من الموقف حتى لا تفقد سيطرتك على نفسك، تأنى ولا تتعجل حتى تهدأ من نوبة غضبك لتستطيع الحُكم على الأمور بنجاح وإتخاذ قرارات صائبة، فالغضب كالغشاوة  يحجب الرؤية عن العقل. 


10- هون على نفسك 

يحتاج الإنسان أحياناً إلى الفضفضة؛ بمعنى أن يتناقش مع أحد أصدقائه المقربين، ويروي له أحاسيسه ومشاغله من باب التخفيف عن النفس، ومن الممكن أن يكتشف أثناء هذه المناقشات بعض الحلول التى غابت عن ذهنه أثناء غضبه، أو أن الأصدقاء يساعدونه بوجهة نظر جديدة أو منظور مختلف، ومن الجيد طلب النصيحة والمشورة والعمل بها، والإستعانة بإستشارة طبيب نفسي إذا لزم الأمر. 


ماذا قال رسول الله عن الغضب؟ 

*يقول النبي صلى الله عليه وسلم:- "ليس الشديد بالصُرعة، إنما الشديد من ملك نفسه عند الغضب". 


وفى الحديث بين لنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أن الذى يملك نفسه عند الغضب، لديه من القوة والشدة ما ليس لغيره ممن يغلب الناس ويصرعهم، أي أن مُجاهد النفس أقوى وأشد من مُجاهد العدو، إن شدة الغضب مُهلكة للبدن كالمرض ومُستنفذة لقواه، فعلينا مكافحة الغضب كما نكافح الأمراض. 


*عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصيني، قال: "لا تغضب، فردد مراراً، قال: لا تغضب" (من صحيح البخاري). 


طلب الرجل من النبي صلى الله عليه وسلم وصية وجيزة ليحفظها عنه، فوصاه النبي ونصحه بإجتناب أسباب الغضب وعدم التعرض لما يجلبه، جمع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "لا تغضب" خير الدنيا والآخرة، لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين، أو يُفسد كثيرًا من الدين، لأنه يُؤدي إلى أن يُؤذِي ويُؤذَى، وأن يأتي فى وقت غضبه من القول والفعل ما يأثم به ويُؤثِم غيره. 


*عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا غضب أحدكم فليسكُت". وفى الحديث يدعو النبي الشخص الغاضب إلى السكوت والصمت، وإيقاف النفس عن قول ما تندم على قوله. 


*أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الغضب من الشيطان، وأن الشيطان خُلِق من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". (رواه داوود). 


بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الوضوء يُطفئ الغضب؛ لأن الغضب من الشيطان والشيطان من النار والوضوء يُطفئ النار، فيزول الغضب بماء الوضوء بإذن الله تعالى. 


عالج النبي صلى الله عليه وسلم الغضب، بكظم الغيظ، وبالإستعاذة بالله، وبالصمت وبالوضوء، وكلها طرق بسيطة ليس فيها تكلف أو مشقة، ومن الخير أن نستفيد من الهدي النبوي الشريف ونقتدي به فى علاج أمورنا. 


الإنسان بين اللذة والألم

إن الإنسان يستمتع ويتلذذ بإشباع شهواته، لكنه إذا إستطاع مُجاهدة نفسه عن الوقوع فى الرذيلة بسبب شهواته، يستطيع بذلك دفع نصف الشر عن نفسه. 


كذلك يعيش الألم والحزن والندم بسبب مشاكل الحياة وكثرة الإبتلاءات، لكنه إذا إستطاع التحلي بالصبر ومُجاهدة نفسه عن الجزع والغضب، يستطيع بذلك دفع الشر كله عن نفسه، فترك الغضب من حُسن الخُلق. 


الوصول لمرتبة الإحسان والثواب العظيم 

يقول الله تعالى:-

{الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران : 134]. 


الذين ينفقون أموالهم ويتصدقون فى اليسر والعسر، والذين يكتمون ما فى أنفسهم من الغيظ والغضب بالصبر، والذين يعفون عمن ظلمهم ويتركون الإنتقام منهم، هذا هو الإحسان الذى يحب الله أصحابه، ومرتبة الإحسان هى أعلى مراتب الدين، فما أعظم الحُلم عند الغضب، والصبر عند الإبتلاء، والرضا بالقضاء. 












تعليقات

التنقل السريع