القائمة الرئيسية

الصفحات

 

حدوتة.. حكمة ملك




* حدوتة..حكمة ملك


يُحكى أن الملك أراد إختيار وزيرًا للزراعة فى بلدته، ووضع شروطًا وأُسسًا لإختيار من يشغل هذا المنصب الهام، لقد رأى الملك أن  الشخص الذى سوف يكون وزيره ينبغي أن يكون ناجحًا ولديه خبرة كافية فى مجال الزراعة وقدرة ومهارة فى العمل بجد ونشاط، وإلى جانب كل ذلك لابد وأن يتحلى بالخُلق الحميد والسلوك الطيب حتى يستطيع أن يأتمنه على الوزارة.


أعلن الملك عن إحتياجه لشغل تلك الوظيفة الهامة فى بلدته، وطلب ممن تتوافر لديهم الشروط أن يتقدموا للإختبار أمام لجنة مُختصة مُكونة من خبراء الزراعة وكبار العاملين المُتخصصين فى الموعد المُحدد لذلك، وبالفعل تقدم لشغل هذا المنصب العديد من الشباب الناجحين والماهرين فى مجال الزراعة، وبعد إنتهاء الإختبار أعلنت اللجنة  حصول ثلاثة من الناجحين على نفس درجة التفوق والخبرة اللازمين لشغل الوظيفة، ثم أرجعت اللجنة الأمر إلى الملك ليختار أحدهم ليكون وزيرًا للزراعة. 


*  الإختيار بعد الإختبار

نظر الملك إلى الثلاثة الناجحين وهنئهم على إجتيازهم الإختبارات بتفوق، ثم قال: سأعطي كل واحدٍ منكم بعض بذور الزهور الجميلة، وأمر كلاً منهم بزراعتها ورعايتها لمُدةٍ معينة، على أن يأتي كلاً منهم بما زرعه ورعاه فى إصيص ليراه الملك بعينيه، ليحكم وقتها على براعتهم فى الزراعة، وأنجح واحدٍ فيهم فى زراعة هذه الزهور ورعايتها سوف يكون الوزير المُنتظر للبلدة، أخذ كل واحدٍ من الرجال الثلاثة كيساً من بذور الزهور، وذهبوا ليقوموا بزراعتها ورعايتها ثم يعودوا للقاء الملك حسب الموعد المُحدد لهم.


* لقاء الملك ونتيجة مُدهشة

وبعد إنقضاء المدة التى حددها الملك حان وقت لقائهم بالملك، وأتى الرجال الثلاثة يحملون ثلاثة صناديق خشبية، كل صندوق منهم يحوي بداخله إصيصًا مزروع فيه الزهور.


ثم دخلوا على الملك فسألهم: ما نتيجة ما قُمتم بزراعته من الزهور؟ وطلب منهم أن يرى بعينيه ما وصلت إليه البذور التى أعطاهم إياها من قبل، ففتح الأول صندوقه وأخرج منه إصيصًا به زهورٌ حمراء بديعة أعجبت الحاضرين، ثم أخرج الثاني من صندوقه إصيصًا به زهورٌ بيضاء رائعة الجمال أبهرت الناظرين، أما الثالث فقد وقف يتأمل صُنع زميلاه مُتعجبًا، ولم يخرج شيئاً من صندوقه، فسأله الملك: أين ما زرعت؟، ألم أمُرك بزرع بذور الزهور مثلهما؟، قال الرجل فى خجل: بلى؛  ولقد زرعتها بالفعل وقُمت بريها ورعايتها وكانت هذه هى النتيجة، ثم أخرج من صندوقه إصيصًا لا يحوي زرعًا على الإطلاق، مما أثار دهشة جميع الحاضرين!.  


* الأمانة سبيل للنجاح 

وازدادت دهشتهم عندما ابتسم الملك وأعلن إختياره للرجل الثالث لشغل منصب الوزير، فاختار من ليس لديه زرعًا وترك صاحبي الزهور الجميلة الرائعة.


وعندما سأل الحاضرين: لماذا إختار الملك من لم يزرع شيئاً؟، فأجاب الملك: لأني أريد وزيرًا لبلدتي ناجحًا وخبيرًا ماهرًا فى عمله، وهذا ما أقرت اللجنة بتوافره فى هؤلاء الثلاثة، ولكني اشترطتُ أن يتحلى وزيري بالخُلق الحميد الطيب كالصدق والأمانة لكي أستطيع إئتمناه على الوزارة.


لقد أعطيت كلاً من هؤلاء الثلاثة الناجحين بذورًا عقيمة، وليست بذورًا لزهور جميلة كما قُلت، فهى لا تُنبت زهورًا ولا غير الزهور أصلاً، فالأول والثاني قاما بتزييف النتيجة وأتيا إلينا بزهورٍ حمراء وبيضاء جميلة زرعوها من بذورٍ أخرى بدلاً من البذور التى أعطيتها إليهما، ليُثبتا لنا مهارتهما فى الزراعة حتى ولو كان هذا بخداعنا، أما الثالث فكان صادقًا مع نفسه وصادقًا معنا وأتى بالنتيجة الحقيقية كما هى دون تزييف، وهذا ما تحتاجه بلدنا؛ التحلي بالصدق والأمانة إلى جانب الخبرة والمهارة فى العمل دون غش أو خداع.


تعليقات

التنقل السريع