القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة سيدنا صالح عليه السلام

 

قصة سيدنا صالح عليه السلام


قصةسيدنا صالح عليه السلام


من هم قوم ثمود؟

قبيلة ثمود من القبائل العربية المتفرعة من ذرية سام بن نوح عليه السلام، المؤمنين الذين انجاهم الله مع نوح عليه السلام من الطوفان الذي أغرق الكافرين من قومه، سكنت قبيلة ثمود بالحجر بوادٍ أرضه خصبة، تجري فيه المياه وتحيط بالوادي هضابٌ يكسوها العُشب الأخضر، وجبال نحتوا فيها كهوفًا وبيوتًا، وبنوا قصورًا في السهول.


أنعم الله عليهم بالخيرات، وبالزرع الموفور والأشجار ذات الثمار الحلوة الشهية طيبة المذاق، والمواشي الكثيرة والغذاء والرزق الكثير، عاشوا آمنين مُتمتعين بنعمة الله في جناتٍ وعيون، حتى أبطرتهم النعمة وجحدوا وأشركوا بالله وعبدوا الأصنام، وعاشوا في ضلال هذه العبادة الباطلة، إلى أن بعث الله لهم نبيهم صالحًا عليه السلام من بينهم مبشرًا ونذيرًا، لكنهم مع الأسف كذبوا وجحدوا، وكما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر : 80]


دعوة سيدنا  صالح عليه السلام:-

كان صالح شابًا فقيرًا، صادق القول، نقي السريرة، ذا نسبٍ شريفٍ في ثمود، وكان ذا عقلٍ راجحٍ وحكمةٍ حتى أن قومه كانوا يرجعون إليه ويستشيرونه في أمور حياتهم. 

إبتعد صالح عليه السلام عن قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، ليتقي شرهم ويصون نفسه، اتخذ لنفسه سكنًا بأطراف القرية، اعتزل فيه يتعبد ويُسبح ربه، بعثه الله نبيًا وأمره بدعوة قومه للإيمان وعبادة الله وحده لا شريك له، وهدايتهم إلى الطريق الحق والدين الصحيح، لكن قومه سخروا منه واستهزءوا به.


دأب صالح على ملاحقة قومه بدعوته، ونهاهم عن الشرك بالله وعن عبادة الأصنام، وحذرهم عاقبة أمرهم، وبين لهم الحق من الباطل، ودعاهم إلى إستغفار الله والتوبة والرجوع إليه، الله الواحد الأحد الذي خلقهم ليعبدوه وليستعمروا الأرض . {وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61) قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)} [هود : 61-62].


آمن برسالة صالح فقراء القوم ومُستضعفيهم، أما أشرافهم وكبراؤهم فقد طغوا ورفضوا دعوته وأنصرفوا عنه، كثر أتباع صالح عليه السلام من الضعفاء والفقراء الذين اتبعوا دعوته لصدق قوله، واستجابوا له وآمنوا برسالته وعملوا على نشرها فيما بينهم.

حاول المعارضون لدعوته التأثير على أتباعه، ليُزعزعوا عقيدتهم ويصرفوهم عن صالح عليه السلام وعن دعوته والإيمان به.


قال صالح عليه السلام: إني أدعوكم لوجه الله خالصًا لا أسألكم أجرًا، ولا أبغي عندكم نفعًا أو ذكرًا، إنما أجري على الذي خلقني وخلقكم، فاتهموه بالسحر وطلبوا منه دليل على صدق رسالته ليؤمنوا به ويتركوا عبادة الأصنام. {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ (145)} [الشعراء : 141-145]. 


ناقة صالح معجزة تشهد بصدقه:-

طلب قوم ثمود من صالح عليه السلام أن يأتيهم بدليلٍ أو بينةٍ ليصدقوه ويؤمنوا برسالته وينصرفوا عن عبادة الأصنام، فطلبوا منه أن يأتيهم بناقةٍ حمراء كبيرة الحجم، عظيمة الجرم، صفاتها غير صفات الإبل، يشرب من لبنها كل أهل المدينة.


دعا سيدنا صالح عليه السلام ربه وسأله أن يخلق له آيًة من عنده لهم، إن الناقة كانت معجزًة لأنها خرجت من صخرة كبيرة فى الجبل، ذات يوم إنشقت تلك الصخرة الكبيرة فأصابت القوم الدهشة حين رأوا ولادة ناقة فارهة حمراء الوبر سوداء الحدق، تخرج من  صخور الجبل، ولم تولد كميلاد  أي ناقة عادية، هذه الناقة كانت تشرب مياه الآبار كلها  فى يوم ولا تقترب بقية الحيوانات من المياه فى هذا اليوم، ثم تُدِر لبنًا يكفي لشرب الناس جميعًا، قال صالح عليه السلام لقومه: هذه ناقة الله اتركوها تأكل فى أرض الله، وأمرهم بعدم المساس بها بسوءٍ وإلا أصابهم عذابٌ من الله.


عاشت الناقة بين قوم صالح عليه السلام لا يعترض طريقها أحد، تغدو وتروح حيث تشاء، والناس منهم من آمن ومنهم من كفر، تشرب الماء فى يومها وتجتنبه فى اليوم التالي للناس،  ليشربون ويملئون جرارهم وأوعيتهم لليوم الثاني المخصص للناقة، ويحلبون الناقة ويأخذون منها حليبًا طيبًا يكفي الناس جميعًا.


فرح فقراء القوم بحليب الناقة الدسم، وصدقوا برسالة صالح عليه السلام  لأنه آتاهم ببينةٍ من عند الله، أما أغنياء القوم فقد استكبروا وكفروا برسالة صالح عليه السلام، وسخطوا على الناقة لأنها آية الله لصالح، التى جعلت صالح يدخل قلوب الناس ويصدقونه ويؤمنون برسالته ويتبعونه، وشق عليهم أن يكون صالح الفقير هاديهم والواسطة بينهم وبين ربهم، وأخذوا يحاولون أن يذموا فى الناقة ويجعلون الناس يكرهونها، وقالوا لهم: إنها هى السبب فى أن ماشيتكم أصبحت هزيلة بدون لحم أو شحم أو لبن، لأن الناقة تأكل العُشب  والكلأ الأخضر النضير، وباقي  الحيوانات والماشية لا تقترب منه حينما تأكل، فلماذا تصبروا على تلك الناقة؟ وهى السبب فى ضعف ماشيتكم، كره الكافرون هذه الناقة  المباركة ودبروا فى أنفسهم لقتلها ثم لقتل صالح نفسه، واختاروا أشقى القوم وشارب الخمر لقتلها.


إصرار الكافرون على كفرهم وعنادهم:-

أوحى الله إلى صالح عليه السلام ما أضمره الكفار لقتل الناقة وعقرها، فحذرهم صالح من قتل الناقة حتى لا يأتيهم عذاب الله، لكن الكفار أصروا على العناد وبعثوا أشقاهم فعقر الناقة التى أرسلها الله لهم آيًة، وتحدوا صالحًا أن يأتيهم بالعذاب، وصفه الله تعالى فى سورة الشمس: "إذ إنبعث أشقاها" وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:-" إن أشقى الأولين: عاقر الناقة"  وكان هذا الأشقى هو "قُدار بن ساف بن جذع" وكان رجلًا قويًا شقيًا، وله عائلةٍ كبيرةٍ وضخمة تحميه، يقود مجموعة من الشباب الفاسدين.


ترصد "قُدار" للناقة وهي عائدة مع صغيرها من الماء، فعقرها (أي قطع رجلها بسيفه) فخرت ساقطةً على الأرض، وقام هو وأصحابه بقتلها، ثم حاصروا صغيرها وقتلوه، وأخذ أهل القرية يقطعون لحمها ويتقاسمونه، وتحدوا صالح عليه السلام أن يأتهم عذاب الله.

{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف : 77]. 


  •  عذاب قوم ثمود:-

ثم هموا التسعة المفسدون بقتل صالح عليه السلام، فكان غضب الله على ثمود عظيمًا. فقوم نوحٍ عليه السلام دُمِروا بالطوفان، وقوم هودٍ  عليه السلام أُهلِكوا بالريح، أما قوم صالحٍ عليه السلام فلم يُعذبوا بعذابٍ واحدٍ وإنما عُذِبوا بأصنافٍ من العذاب، وذلك لأنهم إستمروا وأصروا على عنادهم، ثم أرادوا تعجيز صالح فطالبوه بعلامةٍ مُعجزةٍ تدل على صدقه، ولما أتاهم الله بالناقة الحمراء الضخمة حسب وصفهم وطلبهم، طلبوا أن تكون حاملًا على وشك الولادة، فجاءتهم على شروطهم فكفروا ثم بعد ذلك تحدوا صالحًا عليه السلام طالبين العذاب.


أرسل الله عز وجل على قوم ثمود صيحًة عظيمًة من السماء، فاصفرت وجوههم فى اليوم الأول، ثم احمرت فى اليوم الثاني، ثم اسودت فى اليوم الثالث، فعلموا صدق صالحٍ عليه السلام، وأخذوا يحفرون قبورهم بأيديهم، ثم جاءتهم رجفة مزلزلة من أسفل منهم، ثم أخذتهم الصاعقة فماتوا جميعًا وأصبحوا جثثًا هامدًة  كالنبات اليابس المتفتت.


ونجا الله صالحًا عليه السلام ومن آمن معه، وعاش فى فلسطين حتى توفاه الله تعالى.


عبرت الآيات الكريمة فى القرآن الكريم عن ما أصاب قوم صالحٍ عليه السلام من العذاب، (بالصيحة) كما فى سورة هود، والحِجر، كما عبرت عنها (بالرجفة) كما فى سورة الأعراف، و(بالعذاب) كما فى سورة الشعراء وفُصِلت، و(بالصاعقة) كما فى سورة  الذاريات، و(بالطاغية) كما فى سورة الحاقة.




تعليقات

التنقل السريع