القائمة الرئيسية

الصفحات


الصدق نجاة والكذب هلاك


الصدق نجاة والكذب هلاك 


عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه.


  ولذلك فإن الصدق في الأقوال والأفعال من صفات المؤمنين التي يتميزون بها عن غيرهم في الدنيا والآخرة، كما أن الكذب من أبرز صفات المنافقين.


وللأسف فإن الكذب قد انتشر بشكل واضح في هذه الأيام، ونلاحظه في كثير من المواقف مع الاختلاف بين طبيعة كل موقف عن الآخر، كما إن أصبح الكذب لدى بعض الناس عادة، فهو يكذب بداع أو بدون داع للكذب، وهذا لا يعني أنه يعذر المرء عند الكذب في بعض المواقف، كأن يكذب في موقف ما اعتقادا منه أن الكذب في هذا الموقف هو المفر الوحيد له للدفاع عن نفسه أو الخروج من الموقف، لا.. فإنه يجب أن يدرك إدراكاً تاماً أن الله هو المنجي ولا منجي غيره وأنه مهما كذب فلم ينتهي الموقف بهذه البساطة، فثق في ربك ولا تخشى أحداً من الناس من دون الله، فالأولى الخوف من سخط الله وغضبه، ذلك أولى من أنك تفكر فقط في مظهرك أمام الناس وماذا سيقول الناس عنك، فمهما كانت الظروف وصعوبة وطبيعة الموقف والتي تدفعك للتفكير في أنك تكذب، فلا تكذب واجعل الصدق مبدأ هام لك في حياتك، وكن متأكداً أنك حين تكون صادقاً في أقوالك دائماً مهما كانت صعوبة الموقف والعواقب التي تتوقع حدوثها نتيجة لالتزامك بالصدق وقولك الحق، فكن واثقاً أن هذا هو الأصلح لك، لكون الصدق صفة حميد يرضاها الله لعباده والكذب صفة مذمومة يعاقب عليها الله من يتعامل بها. فالصدق واجباً وفرضاً على المسلمين، فإن عملت به أوجرت عليه وإن لم تعمل به (تكذب) تأثم.


فكن على يقين أن الله سبحانه وتعالى لن يخذلك أبداً إذا أحسنت الظن به وأنه هو الذي سينهي الموقف لك بالخير والستر، فقد جاء في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يقول : ( أنا عند ظن عبدي بي .....) فلهذا أحسن الظن بالله وأجعل الله أمامك في كل أفعالك وأقوالك وأنه يراك ويسمع ماتقوله، وأنه سيجازيك عن جهادك لنفسك وتفضيلك لما يرضيه عنك عما يرضي نفسك أو الناس، أنه سيجازيك عن هذا خيراً ويرفعك درجات. وهذا سيساعدك ويقوم بتعويدك على أنك تفكر في الشئ جيداً قبله فعله حتى لا تفكر في أن تلجأ للكذب.


وفي هذا المقال سوف نوضح بإيجاز معنى الصدق ومعنى الكذب ونعرض الآثار التي تعود على الفرد حين يصدق أو حين يكذب، كما نقدم لكم نماذج وقصص توضح أثر الصدق والكذب على صاحبه.

 

·       معنى الصدق والكذب:-

o      معنى الصدق:

الصدق لغةً هو "ضدّ الكذب" وهو القول المطابق للواقع والحقيقة، وصدّقه تعني قَبِلَ قَوله. والصدق اصطلاحاً يعني مطابقة الشيء المنقول، أو الوصف، أو الحدث المعيّن لواقع الحال.


o      معنى الكذب:

الكذب لغةً هو "نقيض الصدق". والكذب اصطلاحاً هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه وهو يعلم ويتعمد، وهو كبيرة من الكبائر تجر صاحبها إلى النار.


والكذب مُحرم فى جميع الأديان، ويُحرم إلا فى مواطن ثلاث وهى : الكذب على الأعداء فى الحرب، وإصلاح ذات البين، وحديث الرجل لزوجته وحديث المرأة لزوجها. 


·       آثار الصدق والكذب:-

o      أثر الصدق على  صاحبه:

أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بالتحلّي بالصدق لما فيه من الثمرات والفوائد العديدة، ومن هذه الثمرات والفوائد ما يلي.:-


1.    راحة الضمير، وطمأنينة النفس:

لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "الصدق طمأنينة".

فالمسلم حين يصدق يشعر بالطمأنينة والراحة رغم ما يترتّب عليه من عواقب في بعض المواقف نتيجة التزامه بالصدق.


2.    نيل محبّة الله -عز وجل- ورضوانه:

لأن المؤمن الذي يلتزم الصدق في أقواله وأفعاله ينال محبة الله سبحانه وتعالى ورضوانه عنه، ومن ثم الفوز بجنته يوم القيامة.


3.    علو المنزلة في الجنَّة:

حيث إن الصديقين ينالون منزلة رفيعة مع النبيين والشهداء، لقوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُؤلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا).


4.    تفريج الكربات، والنجاة من المكروه:

فكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة أصحاب الغار: (إنه واللَّه يا هؤلاء، لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه)، فيلاحظ من هذا الحديث أن الصدق منجاة وتفريج للكربات.


5.    المكانة المتميِزة في الدنيا:

وهذه المكانة يحظى بها الصادق بمحبة الصالحين وصحبة الصادقين له.


6.    البركة في البيع والشراء، وزيادة الخير:

لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بيعهما". متفق عليه


 

o      أثر الكذب على صاحبه:

للكذب آثاراً سيئة لو علمها الكاذبون لتخلوا عن كذبهم هذا وعادوا إلى ربهم، ومن هذه الآثار ما يلي:


1)   إحداث الريبة عند الإنسان:

 والريبة تعني التهمة والشك، فالكاذب دائماً محل تهمة ومحل شك، ولا شك أن ذلك يؤذي الكاذب ويبعده عن الطمأنينة التى يجلبها الصدق.

يقول صلى الله عليه وسلم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فأن الصدق طمأنينة والكذب ريبة" رواه الترمذي والنسائي وغيرهما وإسناده صحيح.


2)   وقوع المرء في خصلة من خصال المنافقين:

يقول عليه الصلاة والسلام أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" متفق عليه.


والنفاق فيه ذنباً كبيراً ويؤدي بصاحبه إلى الدرك الأسفل من النار، حيث قال رب العالمين سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)، «سورة النساء: الآية 145». كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من النفاق والمنافقين، حيث قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي منافق عليم اللسان».


3)   محق البركة في البيع والشراء:

الشيطان للبائع والمشتري أنه بالتحايل والكذب يحقق له رباً كثيراً، فقد يصور الشيطان للبائع الذي لا يخشى الله أنه إذا أخفى عن المشتري عيوب السلعة فلا يمتنع عن الشراء أما إذا أبدى له حقيقة عيوب السلعة فربما يمتنع المشتري عن الشراء، وأيضاً قد يصور الشيطان للمشتري أنه حين يدعي أنه وجد مثل السلعة أو أفضل منها في مكانٍ آخر فيصدقه البائع ويبيع له السلعة بسعرٍ أقل ،وهكذا .


وهذا كله كذب وخداع وعدم مصداقية، ومخالفة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال: "البيِّعانِ بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما"؛ متفق عليه.

 

 ·       قصص وعبر عن الصدق والكذب:-

- روى أن رجلاً كان يعصي الله وكان فيه كثير من العيوب، فحاول أن يصلحها فلم يستطع، فذهب إلى شخصٍ حكيم وطلب منه النصيحة كي يتخلص من تلك العيوب، فنصحه الحكيم بالبدء بمعالجة وإصلاح عيباً واحداً وهو الكذب، وأوصاه بالصدق دائماً، وأخذ من الرجل عهداً على ذلك.


وبعد فترة أراد الرجل أن يشرب خمراً، فعزم على شرب الخمر ولكنه تذكر عهده للحكيم، فقال: ماذا أقول للحكيم إن سألني: هل شربت خمراً؟ فهل أكذب عليه؟ لا، لن أشرب الخمر أبداً.


وفى اليوم التالي، أراد الرجل أن يسرق لكنه تذكر عهده مع الحكيم بالصدق فلم يسرق، وكلما أراد الرجل أن يرتكب ذنباً امتنع عنه حتى لا يكذب على الحكيم، وبمرور الأيام تخلى الرجل عن كل عيوبه بفضل تمسكه بخلق الصدق.

 

- كما روي أن طفلاً كان كثير الكذب سواء فى الجد أو المزاح، وفى إحدى المرات كان يسبح فى البحر وتظاهر بأنه سوف يغرق، وظل ينادي أصحابه: أنقذوني أنقذوني.. إني أغرق، فجرى أصحابه إليه لينقذوه فإذا به يضحك لأنه خدعهم، وفعل معهم ذلك مراراً وتكراراً .


وفى إحدى هذه المرات ارتفع الموج وكاد الطفل أن يغرق، فأخذ ينادي ويستنجد بأصحابه لكنهم ظنوا أنه يكذب عليهم كعادته، فلم يلتفتوا إليه حتى جرى أحد الناس نحوه وأنقذه، فقال الولد لأصحابه: لقد عاقبني الله على كذبي عليكم، ولكني تعلمت الدرس ولن أكذب بعد اليوم، وبعدها لم يعد هذا الطفل إلى الكذب مرة أخرى.

 

- وكما روي أيضاً أن هارباً لجأ إلى أحد الصالحين وقال له: أخفني عن طالبي، فقال له: نم هنا وألقى عليه حزمة من الخوص، فلما جاء طالبوه وسألوه عنه قال لهم: هذا هو تحت الخوص، فظنوا أنه يسخر منهم فتركوه ونجا ببركة صدق هذا الرجل الصالح.

تعليقات

التنقل السريع