القائمة الرئيسية

الصفحات

مريم الأم العذراء

مريم الأم العذراء


انفرد اسم "مريم" بالذكر في قصص القرآن الكريم، من بين النساء ذوات الفضل اللائي ورد ذكرهن في القرآن الكريم، فلم يذكر القرآن الكريم اسم "حواء" في قصة الخلق الأول وهو اسم زوج آدم، التي هي في نفس الوقت أم البشر، كما لم يذكر اسم واحدة من أمهات الأنبياء أو زوجاتهم إلا بالإشارة.


- فعلى سبيل المثال تم ذكر أم موسى وهارون عليهما السلام فى سورة القصص ولم تذكر بإسمها صراحة "يوكابد بنت لاوي"، كما ذُكرت إمرأة عمران وإمرأة العزيز وأمرأة نوح وأمرأة لوط، وتمت الإشارة للسيدة هاجر زوج إبراهيم عليه السلام دون ذكر اسمها... وهكذا. 

* نشأة مريم:

{إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي أنك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَالله أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (36)} آل عمران الآيتين (35،36).


- مريم من ذرية عمران الذي هو من ذرية إبراهيم عليه السلام، أمها هي إمرأة الرجل الصالح عمران التي نذرت إلى ربها من في بطنها إن وضعت ولداً أن تهبه عابداً ، عاكفاً في المحراب، محرراً لله منذ طفولته وأول وعيه.

رُوي أن إمرأة عمران "حنة بنت فاقوذا" كانت عاقراً لم تلد حتى عجزت، ولكنها كانت تتمنى أن تُنجب ولداً، فدعت ربها لإن رزقها الولد تشكره وتحمده، ونذرت هذا الولد لعبادة الله وطاعته وخدمة بيت المقدس، واستجاب لها الله سبحانه وتعالى، وحملت ولكنها وضعتها أنثى، وهي تعلم أن قدرة الأنثى ليست كالذكر في قدرته على سهر العبادة وقيامها، وعلى خدمة بيت المقدس، ومع ذلك قررت أن تفي بنذرها بها لله سبحانه وتعالى، وسمتها "مريم"، ثم تُوفي والدها "عمران" الرجل الصالح وهى فى بطن أمها. 


وبعد ولادتها يتيمة، وأمها إمرأة كبيرة فى السن ولا تستطيع تربيتها، والجميع يريد أن يحظى بكفالة وتربية مريم إبنة عمران الذى كان مُعلمهم ومُدرسهم  وصاحب الفضل عليهم جميعاً، واجتمعوا ورموا أقلامهم فى النهر، على أن من يقف قلمه ولا يجرفه النهر يحظى بكفالة مريم، وفعلوا ذلك مراراً وتكراراً وفى كل مرة كان النهر يجرف أقلامهم ويبقى قلم زكريا واقفاً، وكفلها زكريا وهو زوج خالتها، وكانوا قد اختاروا القلم رمزاً لأن والدها عمران كان يدرسهم بالقلم. 


ولقد كانت كفالة زكريا لمريم من رحمة الله تعالى بها، فأنبتها الله نباتاً حسناً وشبت وبيتها المسجد وخلوتها فيه، حتى طعامها كان يأتيها من عند الله بلطفه سبحانه وتعالى، وكلما دخل عليها كافلها النبي زكريا ووجد عندها رزقاً، فيسألها من أين هذا الرزق وتجيبه هو من عند الله تعالى الذى يرزق بغير حساب. 

وهكذا عاشت مريم المنذورة لله المقيمة فى المسجد، عابدة قانتة تُحيي ليلها بالذكر والصلاة والعبادة. 

 

* معنى اسم مريم:

- وسمتها أمها "مريم" وهي تقصد باسم مريم معنى العاكفة في المحراب والمنذورة لله التي "لا تريم" أي لا تبرح عن مكان الطاعة والصلاة لله تعالى .


- ومعنى كلمة "مريم" أيضاً ذات الفضل، والزائدة في الدرجة، والمتشبهة بالرجال في عفةٍ وطهر، وهي كلها معانٍ تتفق مع المعنى الأول من "العكوف" على طاعة الله والصلاة له في المسجد .


- وعلى الرغم من إن إمرأة عمران قد نذرت إبنتها لله، وللعكوف في المحراب للصلاة، إلا إنها لم تقرر أن تمنعها من الزواج إذا كبرت ولم تقطع الرجاء في أن يكون من ذريتها الصالحون، ولذلك فهي دعت ربها أن يُعيذ إبنتها هذه وذريتها من الشيطان الرچيم .


- و نذرتها أمها لله وهي لا تعلم إنها أنثى وإنها سوف تكون أماً للإبن الصالح الذي كانت ترجوه وفوق ما كانت ترجوه وهو "المسيح ابن مريم".


* مريم في المحراب:

- عاشت "مريم" في المحراب وهي تزداد مع الأيام والصلاة والدعاء إقتراباً من الله، وهي ترى رزق الله بين يديها كل يوم كما يراه زكريا، وهي تعلم أن الله هو القادر على أن يرزقها وهو الذي "يرزق من يشاء بغير حساب". 


وكبرت "مريم" في طاعة الله على طريقها السوي، واصطفاها الله على نساء العالمين، حتى بشرتها الملائكة بإصطفائها وبتقبُلها في طُهرها وصِدقها كما بشرتها الملائكة بالمسيح "عيسى ابن مريم"، فتحمل وتلد وهى عذراء.


{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران الآية 42).


* لحظة الميلاد:

- وهكذا عندما أحست بحملها حقيقة واقعة خرجت مثقلة الخطى به خرجت إلى مكان تلجأ فيه إلى الله، و تطلب العون منه، وتحتجب عمن لو علم بأمرها لن يصدقها، تنتظر بحملها لحظة الميلاد حتى جاءها المخاض إلى جذع النخلة، وتمنت الموت قبل أن يراها الناس بولدها، ولقيت من عون الله ما لم تجده أُماً من قبلها أو من بعدها.

فأنطق الله وليدها "عيسى" عليه السلام، فناداها من تحتها ألا تحزن وتنظر تحتها فتجد عين ماءٍ جارية، وتنظر أعلاها فتجد فى النخلة رُطباً يتساقط عليها. 

 

* ظهور المسيح:

- لقد ظهر المسيح بين ذراعي أمه، خارجاً بها من وراء ذلك الحجاب ليتكلم عنها إلى قومها، بعد أن أمرها الله بالصمت، طفل على غير شأن الأطفال يتكلم كلام الحكمة، ويحكي عن هبة الله له بالنبوة.

سمع قومها كلام عيسى عليه السلام وهو رضيع فى المهد، فصدقوا وعلموا براءة مريم وتركوا. 


هاجرت مريم بعيسى عليه السلام إلى مصر وتربى فيها، ثم عادت به إلى فلسطين، أرسل الله عيسى عليه السلام نبياً لبني إسرائيل يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وآتاه الإنجيل وأيده بمعجزات دالة على صدقه، فكلم الناس وهو صبي فى المهد، وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى، ويصنع من الطين على شكل الطير وينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله تعالى. 


شاركت مريم المسيح عيسى عليه السلام إضطهاد اليهود له وكيدهم به، حتى أرادوا قتله، ولكن الله أنقذه من بين أيديهم، وذكر القرآن الكريم أن عيسى عليه السلام حي ولم يمت ولم يقتله اليهود ولم يصلبوه ولكن شُبه لهم، بل رفعه الله إلى السماء. 


توفيت مريم بعد رفع عيسى عليه السلام بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثاً وخمسين سنة. 

تعليقات

التنقل السريع