الثوب الأبيض.. قصة للأطفال عن النظافة

الثوب الأبيض 

كل صباح تأتي المُعلمة "نور" مُدرسة اللغة العربية إلى المدرسة ثم تدخل الفصل لتُلقي الدروس على تلاميذها، وكان هناك شيءٌ عجيب إعتادت رؤيته يومياً، فكانت ترى إحدى تلميذاتها وتُدعى "سوسن" تجلس دائمًا على المقعد الأخير فى الفصل بمعزلٍ عن باقي زميلاتها، وكلما حاولت المُعلمة نور أن تُجلسها بالقرب من زميلاتها، تعود فى اليوم التالي وتجدها عادت إلى الخلف مرة أخرى، وكان يلفت نظر المُعلمة نور أن سوسن دائمًا ثيابها رثة وغير نظيفة وشعرها غير مُنسق مما يُثير الإشمئزاز، وهذا هو سبب نفور زميلاتها منها وبُعدهن عنها، ولاحظت المُعلمة نور أن سوسن ذاتها تبتعد عنهن حتى لا تُعرض نفسها للحرج أو التنمر  من زميلاتها، وتجلس بعيدًا عنهن فى عُزلةٍ وصمت.

أدركت المُعلمة نور أنها لابُد وأن تجد حلًا لمشكلة سوسن، حتى تستطيع دمج سوسن وسط زميلاتها، فكرت المُعلمة نور كثيرًا فى مشكلة سوسن، ثم ذهبت إلى حجرة الأخصائية الإجتماعية بالمدرسة لتتحدث معها فى مشكلة سوسن وتحاول معها إيجاد حلٍ مُناسب، وأخيرًا وبعد تفكير ذهبت الأخصائية الإجتماعية لزيارة بيت سوسن وأهلها، حتى تعرف أساس المشكلة، ثم عادت وأخبرت المُعلمة نور بما رأته، وقالت للمُعلمة نور: أن  سوسن تعيش فى بيئةٍ غير نظيفة، البيت غير نظيف كما أن الشارع تُلوثه أكوام القمامة. 

• سلاح النظافة 

قالت المُعلمة نور: لقد وجدت الحل، سوف أُحارب الإهمال والقذارة بسلاح النظافة، فلا يجتمع القبح والجمال، ولا النظافة والقذارة، فى آنٍ واحد ولا مكانٍ واحد أبدًا،  ثم عادت فى صباح اليوم التالي وهى تحمل معها هدية جميلة، ودخلت حجرة الأخصائية الإجتماعية وطلبت منها إستدعاء تلميذتها سوسن، وبالفعل قدمت المُعلمة نور تلك الهدية لسوسن، وفرحت سوسن وشكرت مُعلمتها وحملت هديتها، وعندما عادت إلى منزلها، أخبرت أسرتها بما حدث وفتحت الهدية فوجدت ثوبًا أبيضًا جميل جدًا وناصع البياض، فانبهرت سوسن من روعة جماله، كما أُعجب كل أفراد الأسرة به، قالت سوسن لوالدتها: إني أريد أن أرتدي ثوبي الجديد، لكن الأم نظرت إلى الثوب الأبيض الجميل، ثم قالت لسوسن يجب أن تغتسلي بالماء والصابون جيدًا قبل إرتدائه حتى لا يتسخ، جرت سوسن بسرعة لتغتسل ثم ترتدي الثوب الأبيض الجديد كما أمرتها والدتها، وبعدما إغتسلت وارتدت ثوبها الجديد، قامت الأم  بتصفيف شعر سوسن جيدًا حتى يتناسب مع الثوب الأبيض الجديد، ثم أدركت الأم أنه لابُد من تنظيف البيت كله جيدًا، حتى لا يتسخ ثوب إبنتها الأبيض إذا لامس أي تراب فوق أثاث المنزل، وبالفعل أسرعت بتنظيف البيت وجميع أثاثه حتى أصبح جميلًا وبراقًا، رأى إخوة سوسن ثوبها الأبيض الجميل والبيت كله نظيف وجميل، وأسرعوا بدورهم وقاموا بتنظيف سلالم المنزل حتى لا يتسخ ثوب سوسن الأبيض النظيف الجميل، رأى الجيران ما فعلوه أفراد أسرة سوسن ونال إعجابهم، وقرروا أن يتعاون سُكان كل بيت ويقومون بتنظيفه وتنظيف مدخله وسلالمه حتى يصبح جميلًا مثل بيت سوسن، خرج والد سوسن إلى الشارع فوجده قذرًا وبه أكوام القمامة التى يلتف حولها الذُباب مما لا يتناسب مع تلك البيوت النظيفة، فجمع الرجال والشباب ساكني الشارع كله وتعاونوا فى تنظيف الشارع والتخلص من القمامة، وقاموا بوضع سلات مُغطاة للمُهملات حتى تُلقى فيها القمامة، ولا تتكدس على الأرض ثانيةً ولا يجتمع حولها الذُباب، فأصبح الشارع كله نظيفًا حتى تستطيع سوسن السير فيه دون أن يتسبب فى تلويث ثوبها الأبيض الجميل، فصار المكان كله نظيفًا وجميلًا، وكل سُكان الشارع أصبحوا سُعداء بهذا التغيير، قام والد سوسن بكتابة لافتة كبيرة "لا تقتل البيئة حتى لا تقتلك" ثم علقها فى الشارع، حتى يُحث الجميع ويُذكرهم بأهمية نظافة البيئة والمحافظة عليها من التلوث، فمن حق كل إنسان أن يعيش فى بيئةٍ نظيفة.

• التغيير والقضاء على المشكلة 

جاءت سوسن إلى المدرسة، وهى ترتدي ثيابًا نظيفة، وشعرها مُنسق وجميل، فلفتت أنظار زميلاتها ومُدرسيها وأُعجبوا بها، فرأتها المُعلمة نور والأخصائية الإجتماعية، وسعدوا كثيرًا بهذا التغيير، ثم دخلت المُعلمة نور الفصل فوجدت سوسن تجلس بجوار زميلاتها دون حرج.

لقد استطاعت النظافة التغلُب على القذارة، واستطاع الجمال التغلُب على القبح، كما استطاع البياض القضاء على التلوث، وفرحت المُعلمة نور برؤية سوسن وسط زميلاتها، وهن ينظرن إليها نظرة إعجاب ويسعدن بإنضمامها إليهن، وأصبحت سوسن تبادلهن نظرة رضا وثقة فى النفس وعدم إحراج أو شعور بالنقص  يُبعدها عنهن، وكان الثوب الأبيض حلًا بسيطًا لمشكلة سوسن الكبيرة.

• العبرة من القصة

أن نُعلم أطفالنا ونُربيهم على حب النظافة والقضاء على تلوث البيئة، ونغرس فى نفوسهم مُنذ الصغر نظافة القلب قبل نظافة الثوب والبدن، إذا كانت نظافة الثوب وبياضه غيرت شكل الناس وأماكنهم وقضت على تلوث بيئتهم، فنظافة القلب سوف تُغير حياتهم. 

فلا تترك السواد يغطي البياض فى قلبك فتخسر حياتك ومن حولك، ولا تترك الشر يطغى على الخير فى نفسك فتخسر دُنياك وآخرتك، ابحث عن كل ما هو نظيف وجميل فى نفسك ونميه، وامحو كل ما هو قبيح وتخلص منه.