الإسراء والمعراج.. حدثان عظيمان في ليلة واحدة

 الإسراء والمعراج.. حدثان عظيمان في ليلة واحدة

الإسراء والمعراج؛ هما حدثان عظيمان مُنفصلان كلٌ عن الأخر، ولقد أشارت  سورة الإسراء صراحة للإسراء بالنبي عليه الصلاة والسلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وسورة الإسراء في القرآن  الكريم سورة مكية، نزلت بمكة المكرمة قبل هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وتُعد السورة الأخيرة التي نزلت بمكة قبل بداية العهد المدني. 
 

- عدد آياتها مئة وأحد عشر آية و ترتيبها في المصحف السورة السابعة عشر في الجزء الخامس عشر، ونزلت بعد سورة القصص وترتيبها في المصحف بعد سورة النحل، وهي عبارة عن الخمس أرباع الأولى من الجزء الخامس عشر، وسُميت أيضاً بسورة "بني إسرائيل" لأنها تحدثت عن إفساد بني إسرائيل في الأرض. 

• ومن الأوامر التي تضمنتها سورة الإسراء:

- بر الوالدين مقروناً بعبادة الله تعالى، إعلاناً لقيمة هذا البر عند الله. فقال تعالى: 

{وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} [الإسراء : 23-24]. 

- الأمر بإصلاح النفوس، وإصلاح اللسان والقلب. 

- الإحسان إلى ذوي القرابة وصلة الأرحام، وجعل الله حق ذي القُربى يلي حق الوالدين. 

- الوفاء بالعهد فى المعاملات والعقود، وبإيفاء الكيل والميزان فلا تبخسوا الناس أشياءهم.

- الإنفاق فى سبيل الله. 

• ومن النواهي التي تضمنتها سورة الإسراء:

-النهي عن الشرك بالله.

- النهي عن قطع النسل وقتل الأولاد خوفاً من الفقر، فالله أرحم بعباده من الوالد بولده. 

- قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.

- النهي عن العبث بمال اليتيم. 

- النهي عن الإسراف وإتلاف الأموال، أى الإقتصاد فى العيش مع البُعد عن البُخل، وفى نفس الوقت مراعاة عدم الإسراف أو التبذير. 

- النهي عن مُقاربة فاحشة الزنا. 

- النهي عن إتباع ما ليس للإنسان به علم، أى لا يرم الإنسان أحداً بما لا يعلمه كشهادة الزور، أو سوء الظن. 

- النهي عن الكِبر والعُجب بالنفس والإختيال. 

• معنى الإسراء والمعراج:

* حادثة الإسراء... رحلة السير ليلاً 

- تعني رحلة الإسراء ذهاب الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة المكرمة الى المسجد الأقصى بالقدس الشريف، في جزءٍ من الليل ثم رجوعه في نفس الليلة إلى فِراشه.

• نُبذة عن الرحلة وما رأى النبي فيها:

وفي هذه الرحلة العظيمة ركب النبي عليه الصلاة والسلام "البُراق" وهي دابة بين البغل والحمار شديدة البياض وتتميز بسرعتها الفائقة كالبرق، للإنتقال من مكة إلى بيت المقدس، ثم ربطها عند باب المسجد وصلى ركعتين، وكانت الرحلة بصحبة جبريل عليه السلام، ورأى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام جبريل عليه السلام في هيئته الحقيقية التى خلقه الله عليها، وهى خِلقة عظيمة وآية من آيات الله تعالى، فهو مخلوق عظيم له ستمائة جناح وكل جناح منها حجمه مد البصر. 

ثم عرج جبريل عليه السلام بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العُلا، حتى وصل إلى السماء السابعة وهناك رُفع إلى سِدرة المُنتهى وبعدها إلى البيت المعمور، كما قابل الأنبياء في رحلته برفقة جبريل عليه السلام فرأى في كل سماءٍ من السموات السبع نبياً أو أكثر،  فرأى آدم عليه السلام في السماء الأولى، ثم عيسى و يحيى عليهما السلام في السماء الثانية، ثم يوسف عليه السلام في السماء الثالثة، ثم إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، ثم هارون عليه السلام في السماء الخامسة، ثم موسى عليه السلام في السماء السادسة، ثم إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة، وقد كان أشبه الأنبياء بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقد رآه مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، الذى يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون. 

 - كما رأى البيت المعمور وهو بيت مُشرف فى السماء السابعة، وهو لأهل السماء كالكعبة لأهل الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يصلون فيه ثم يخرجون ولا يعودون أبداً. 

- ورأى سِدرة المُنتهى وهى شجرة عظيمة بها من الحُسن ما لا يصفه أحد من خلق الله، يغشاها فَراشٌ من ذهب أصلها فى السماء السادسة وتصل إلى السابعة، ورآها النبي عليه الصلاة والسلام فى السماء السابعة. 

 - ورأى أصنافاً متعددة من أحوال الذين يُعذبون فى نار جهنم، مثل حال المُغتابين والذين يقعون فى أعراض الناس، وكأن كلاً منهم يأكل لحم أخيه ميتا، وحال الزُناة الذين يتركون الحلال الطيب ويأتون الحرام الخبيث، وحال آكلي مال اليتيم بالباطل الذين يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا، وحال الذين يتعاملون بالربا، وآل فرعون فيعرضون على النار غدواً وعشياً، وحال تاركي الصلاة الذين تتثاقل رؤوسهم عن آداء الخمس صلوات المكتوبة، والذين لا يحفظون الأمانات، وخطباء الفتنة، والذين لا يؤدون زكاة أموالهم، ونساءً مُعلقات من أثدائهن وهن اللواتي يُدخلن على أزواجهن من ليس من أولادهم. 

كما رأى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام  أيضاً أقواماً يُنعمون، فرأى من أهل الجنة المجاهدين فى سبيل الله تُضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف  فوجدهم أقواماً يزرعون يوماً ويحصدون يوماً وكلما حصدوا عاد الزرع كما كان، يخلف الله عليهم ما أنفقوا، وكثرة الحصاد والمحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله الذى لا ينتهي. 

• الصلاة هى الفريضة الوحيدة التي فُرضت ليلة الإسراء والمعراج:

فقد جاءتنا فريضة الصلاة من الله فى السماوات العُلا مباشرة، فتميزت عن غيرها من العبادات والفرائض الأخرى، وفُرضت في هذه الليلة الصلاة على المسلمين وكانت خمسين صلاة كل يوم، لكن سيدنا موسى عليه السلام طلب من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أن يرجع إلى الله ويسأله التخفيف مرةً بعد مرةٍ إلى أن صارت خمس صلواتٍ كل يوم، وذلك كما جاء في الحديث الشريف الذى رواه البخاري.